إعلان القاهرة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري

نُشر في 30/3/2009

بالشراكة بين كل من المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، عُقد الاجتماع التحضيري العربي لمراجعة ديربان بالقاهرة يومي 28 و29 مارس/ آذار 2009 بهدف بلورة رؤية مشتركة للمؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني العربي، في المؤتمر الدولي لمراجعة ديربان الذي تنظمه الأمم المتحدة في جنيف في الفترة من 20 إلى 24 أبريل/ نيسان 2009.

شارك في أعمال الاجتماع أكثر من مائة مشارك ومشاركة من قادة وممثلي المؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والخبراء من ستة عشر بلدًا عربيًا، وبعض المؤسسات العربية الناشطة في بلدان المهجر، وممثلون عن جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، وناقش المؤتمر مجموعة من أوراق العمل والتقارير الميدانية حول مسار مكافحة العنصرية والتمييز العنصري على المستويين العالمي والعربي.
أعرب المشاركون عن تقديرهم لمبادرة المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان بعقد هذا الاجتماع ومناقشة رؤية المجتمع العربي ومقترحاته بشأن موضوعات المؤتمر العالمي لمراجعة إعلان وبرنامج عمل ديربان لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري ورهاب الأجانب، باعتبار إن القضايا المطروحة تستلزم مشاركة واسعة لا يمكن مواجهتها عبر السياسات الحكومية بمفردها.

وبلور الاجتماع العديد من التوصيات فيما يتعلق بمكافحة العنصرية والتمييز العنصري على الأصعدة الدولية والعربية والفلسطينية، يمكن اجمالها فيما يلي:

أدان المشاركون كافة مظاهر العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وأشكال التعصب وعدم التسامح الأخرى، باعتبارها تقوض الأسس والقيم الأساسية لحقوق الإنسان، وخاصة المساواة والكرامة الإنسانية المتأصلة في بني البشر.

وأكد المشاركون على ضرورة مجابهة كافة مظاهر العنصرية والتمييز أيًا كان مصدرها ودون تفرقة بين ضحاياها.
وأدان المشاركون مظاهر وسياسات العنصرية والتمييز ضد مختلف الجماعات الإثنية ومختلف فئات المهاجرين واللاجئين، وعبروا عن عميق القلق إزاء معاداة الإسلام ومعاداة المسيحية، ومعاداة السامية، والتمييز الموجه ضد العرب والمسلمين، وفي بلدان المهجر بوجه خاص، في سياق تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، وكذا التمييز ضد مختلف الجماعات الدينية وذوى الأصول الأفريقية والآسيوية، وكذا الشعوب الأصلية وضحايا الاتجار بالبشر والأشكال الشبيهة بالرق وضحايا الاستعمار والاحتلال الأجنبى والإبادة الجماعية.

وأتفق المشاركون مع ما ورد في الجهود التحضيرية والمساهمات التي جرت على المستويات الإقليمية والقارية الأخرى من مخاطر ظاهرات الفقر والتهميش وتفاقم الجوانب السلبية للعولمة، والسياسات الاقتصادية غير العادلة على الصعيدين الوطني وفي العلاقات بين الدول، وحذروا من أن تحميل البلدان النامية والفقراء عبء الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادي من شأنه أن يعمق مظاهر التمييز الاجتماعي ويهدد بتفاقم الأزمات الاجتماعية والاضطرابات السياسية.

وعبر المشاركون عن قلقهم من الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها المؤتمر، والتسييس المفرط لقضاياه، وأكدوا أن تجريد الظواهر من مضامينها لا تتيح الوصول الي وثيقة تتفق مع قيم ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري.

وتدارس المشاركون الصعوبات التي تعرقل وفاء البلدان العربية بالتزاماتها النابعة عن مقررات ديربان والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، التي تشتد الحاجة إليها بعد استفحال بعض مظاهرها، والحاجة الملحة إلي تفاعلها مع مختلف الاشكاليات العنصرية على الساحة العربية.

وأكد المشاركون على أن مبدأ المواطنة، هو الأساس القانوني والدستوري الثابت لكفالة المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الجنس واللون والدين والعقيدة والانتماء السياسي، وأنه ينبغي أن تعطى الأولوية اللازمة لمتابعة تنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان على المستويات الوطنية.

كما تابع المشاركون بقلق بالغ على وجه خاص ما انتهت إليه اللجنة المعنية بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري من الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة في العام 1967، أو أراضى فلسطين 1948 (CERD/C/ISR/CO/13)، والتي تمثل نمط الفصل العنصري على نحو ما رصده مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة (A/HRC/7/17)، فضلًا عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي تضمنها الرأي الاستشاري لمنظمة العدل الدولية، وبصفة خاصة الجدار والاستيطان، واللذين طالب الرأي الاستشاري بإزالتهما.

كما أكد المشاركون على أن الإدانة وحدها لا تكفي لتغيير الواقع على الأرض أو تخفيف معاناة الضحايا، بل لابد أن تتضافر جهود كل المجتمع الدولي، لتنفيذ مبادئ الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال، والتجاوب مع توصيات اللجنة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، وغيرها من اللجان التعاهدية المعنية بحقوق الإنسان، وقرار محكمة العدل الدولية.

وطالب المشاركون بالتعاون مع الآلية التي أنشئت في إطار جامعة الدول العربية لتوثيق الإنتهاكات الإسرائيلية وتقييم الأضرار الناجمة عنها بشكلٍ منهجي منتظم ومتواصل، وكذا التعاون مع جهود منظمة الإيسيسكو في ذات الشأن، ودعوتهما لإدماج متابعة نتائج مؤتمر ديربان لمكافحة العنصرية وذلك في حدود ما تتمكن بشأنه هذه الآليات من إثبات الطابع العنصري لبعض الممارسات الإسرائيلية على أساس وقائع محددة وأدلة ثابتة وليس من منطلق مطالبات عامة أو مواقف سياسية.

وأكد المشاركون على أن انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصري، تقع في كافة دول العالم بدرجات متفاوتة، ولايجوز استثناء إسرائيل من ذلك، فسجلها في هذا الخصوص أكدته آليات الامم المتحدة. وأن إدانة ما ترتكبه اسرائيل من انتهاكات في هذا الخصوص لا علاقة له بمعاداة السامية التي تثيرها اسرائيل في كل مناسبة كابتزاز غير مقبول وكوسيلة لاكتساب حصانة من النقد والمساءلة، كما لو كانت دولة فوق القانون.

ويتطلع المشاركون إلى إنشاء شبكة من العلاقات ومحفلًا للتعاون بين مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الدولي من أجل تأكيد أن التمييز العنصري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني ليس إدعاءً عربيًا ينطلق من معاداة مزعومة للسامية وإنما ينطلق من وقائع محددة يستنكرها المجتمع الدولي لحقوق الإنسان.

ويلفت المشاركون النظر لأهمية إنشاء اللجنة المستقلة الدائمة لحقوق الانسان في اطار المؤتمر الاسلامي طبقًا لمقررات قمة داكار التي أضافت هذه اللجنة كجهاز مستحدث ضمن الاجهزة الدائمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ويؤكدون على ضرورة المهنية والاستقلالية للخبراء الذين ستضمهم كلًا من لجنة حقوق الإنسان العربية واللجنة المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، من أجل التعامل مع آليات حقوق الإنسان الدولية في حدود إطاراتها الفنية وقواعدها الاجرائية دون تعميم يضر بفاعلية الآداء العربي والإسلامي وبمصداقيتهما في مجال حقوق الإنسان.

كما أكد المشاركون على مسئولية لجان الخبراء العرب في مجال حقوق الإنسان في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني العربي والاسلامي، في متابعة قضية بالغة الأهمية في إطار مؤتمر مراجعة ديربان وهي قضية حظر الحض على الكراهية على أساس ديني لأن ظاهرة إساءة استخدام حرية الرأي والتعبير بشكل يسيء لمعتنقي ديانات معينة والصاق تهمة الارهاب وانتهاك حقوق الانسان بالاسلام هي ظاهرة تفاقمت وتؤدي لانتهاك حقوق الانسان للأقليات المسلمة في الدول الغربية وتذكي دواعي العنصرية والتمييز ضدهم.