قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي

دخل قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي (Digital Services Act) حيز التنفيذ في 25 آب/ أغسطس 2023. وينص هذا القانون، الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، على أن تدخل أبرز الالتزامات التي يفرضها حيز التنفيذ في 17 شباط/ فبراير 2024، باستثناء “المنصات الكبيرة جدًا” و”محركات البحث الكبيرة جدًا”، فهي معنية بالالتزام بهذا القانون، قبل غيرها اعتبارًا من 25 آب/ أغسطس 2023.

يُعتبر هذا قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي هو الأول من نوعه في العالم في مجال التنظيم الرقمي للشركات الرقمية العملاقة.

من المتوقع أن تبدأ حقبة جديدة للتنظيم الرقمي في أوربا مع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، حيث يُمثّل هذا القانون المبدأ القائل بأن “ما هو غير قانوني خارج الإنترنت يجب أن يكون غير قانونيًا عبر الإنترنت”.

قام تييري بريتون، المفوض الأوربي للشؤون الرقمية، بتعيين لائحة من 19 شركة عليها الالتزام بهذا القانون في آب/ أغسطس 2023 من بينها غوغل، فيسبوك، تويتر (التي أصبحت إكس)، تيك توك، إنستغرام، سناب شات، بالإضافة إلى أمازون، علي إكسبرس، متجر أبل، متجر غوغل، غيرها من المنصات والشركات الأوربية على نسق زلاندو، وأيضًا محركات البحث غوغل وبينغ.

أهداف قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي (Digital Services Act):

يضع قانون الخدمات الرقمية إطارًا صارمًا لمزودي الخدمات الرقمية لحماية الفضاء الرقمي من نشر المحتوى غير القانوني، وضمان حماية “الحقوق الأساسية للمستخدمين الأوربيين”.

سيتعين على المنصات الرقمية التي تُقدّم خدماتها في أوربا الإزالة الفورية لأي محتوى مسيء وغير قانوني يخالف القوانين الأوربية والدول الأعضاء، كالتحرش والتنمر عبر الإنترنت وحملات الكراهيَة، وعمليات التضليل ونشر المعلومات المضللة.

كذلك سيتعين على منصات الخدمات الرقمية التأكد من أن المنتجات المعروضة للبيع ليست مزيفة، لمكافحة المنتجات المقلدة والسلع التي تصل إلى السوق عبر خدمات الويب دون الامتثال للمعايير الأوربية من حيث الصحة أو السلامة.

في إطار قانون الخدمات الرقمية، إحدى البنود المهمة في القانون، هو إجبار المنصات الرقمية على مزيد من الشفافية لخوارزميات التوصية التي تستخدمها لتوجيه المستخدمين إلى محتوى معين. وبذلك عدم استهداف مستخدمي المنصة بالإعلانات والمنشورات على أساس دينهم أو جنسهم أو تفضيلاتهم الجنسية، ومنح المستخدم القدرة على تعطيل خوارزميات التوصية أو التفضيل.

أما فيما يتعلق بالإشراف على المحتوى، على عمالقة الويب التأكد من أن الأساليب التي يطبقونها هي الأكثر فعالية لنموذجهم “سواء اختاروا الإشراف على المحتوى بواسطة الخوارزميات مع الذكاء الاصطناعي، أو خدمة الوسطاء البشريين أو الوسطاء المجتمعيين مثل ويكيبيديا، وسيتعين عليهم تقديم تقرير إلى المفوضية الأوربية، وتبرير اختيارهم وإثبات فعاليته”.

كذلك من أهداف قانون الخدمات الرقمية مكافحة ما يعرف “بالنمط المظلم (dark pattern) هو تصميم مضلل في مواقع الويب.

كما ستضطر المنصات الرئيسية الرقمية إلى النشر وبشكل دوري التدابير المتخذة لمكافحة المعلومات المضللة وغيرها، بحيث ستخضع كل عام لتدقيق مستقل ومراقبة من قبل المفوضية الأوربية.

العقوبات المفروضة في حال لم تمتثل الشركات لقانون الخدمات الرقمية:

في حال فشلت المنصات الرقمية في تنفيذ إجراءات قانون الخدمات الرقمية، ستواجه غرامة مالية تصل إلى 6% من مبيعاتها العالمية، في حال تكرار الانتهاكات وعدم الامتثال يمكن أن تصل العقوبات إلى حدّ حظر عمل تلك الشركات في السوق الأوربية.

حول تطبيق قانون الخدمات الرقمية الأوروبي:

من الصعوبات الرئيسية التي تواجهها الدول الأوربية، أن تكون قادرة على التعاون مع الشركات العملاقة خارج الاتحاد الأوربي، فمع بَدْء العد التنازلي عبّر تييري بريتون، المفوض الأوربي للشؤون الرقمية عن قلقه قائلًا: “خلال المقابلات التي أجريتها مع الرؤساء التنفيذيين للمنصات لضمان استعدادهم لدخول التزامات قانون الخدمات الرقمية حيز التنفيذ، أرى أنه لا يزال هناك الكثير يجب القيام به، لا سيما فيما يتعلق بالموارد المخصصة للإشراف على المحتوى”.

لذا يقترح قانون الخدمات الرقمية أن يكون لدى شركات خدمات الويب “منسق للخدمات الرقمية” في كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي، يكون مسؤولًا عن ضمان الامتثال للقوانين الجديدة.

من بين هذه الأدوات الممكنة في هذه الترسانة القانونية، قدرة أكبر على تدخل المفوضية الأوربية مما كانت عليه في الماضي، بحيث يمكن للمفوضية الأوربية جمع المزيد من المعلومات من الجهات الفاعلة الخاضعة للتنظيم، وإذا لم تستجب هذه الجهات، فيمكن للمفوضية الأوربية أن تقرر، على سبيل المثال، إرسال الشرطة القضائية أو وكلاء اللجنة، لإجراء عمليات التفتيش في مكاتب الشركات غير الملتزمة.

اعتبارًا من 25 آب/ أغسطس 2023، سيتعين على المنصات الرئيسية الاستجابة بشكل منهجي لمراجعات المستخدمين الأوربيين وإبلاغهم بالإجراء الذي تم اتخاذه بشأن منشوراتهم في حال الحجب أو في حال منع استعمال خدمات المنصات، وسيكون بإمكان هؤلاء الطعن في الإجراء المتخذ إذا لم يناسبهم، أمام سلطة خارجة عن القضاء لطلب التعويض.

أخيرًا، يعتبر جان كاتان، الأمين العام للمجلس الوطني الرقمي الفرنسي أن دخول قانون الخدمات الرقمية الأوربي حيز التنفيذ “يعني الخروج من ثلاثين عامًا من التنظيم الذاتي والجهل العام بأداء المنصات العملاقة”.

ويعتبر قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي (Digital Services Act – DSA)، الجزء الثاني من الحزمة التشريعية الأولى مع قانون الأسواق الرقمية (Digital Markets Act) لتنظيم عمل شركات الويب الكبيرة للحد من احتكارها.

فيما يلي قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوربي (Digital Services Act)

النسخة الإنكليزية (English Version)

النسخة الفرنسية (Version Française)

(*) لا يوجد حتى الآن نسخة عربية