أصبح خطاب الكراهية وما قد يتسبب فيه من جرائم مصدر قلق متزايد في السنوات الأخيرة خاصة ضد الجماعات العرقية والمهاجرين. ومن جانب آخر تعد حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية وتعتبر عنصرًا أساسيًا لبناء مجتمعات مستقرة وآمنة وديمقراطية إلا أن خطاب الكراهية على عكس ذلك يسيء للأفراد والجماعات وينتقص من آدميتهم بالاستناد إلى القولبة النمطية وشيطنة الآخر وتعريضه للخطر والمفاهيم الخاطئة المتعلقة في أغلب الأحيان بالأصل العرقى أو الدين أو الانتماء السياسي بما يتعارض مع قيم الديمقراطية والتعددية الثقافية. في هذا الإطار، تسعى الورقة للإجابة على عدة تساؤلات بشأن ما المقصود بخطاب الكراهية؟ وما الحدود الفاصلة بين الحق في حرية الرأي والتعبير وخطاب الكراهية؟ وهل يجب حماية خطاب الكراهية من أجل حماية قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وإذا كانت الإجابة لا، فكيف يمكن مواجهته والحد منه؟ وذلك من خلال المحاور التالية:
أولًا: تعريف خطاب الكراهية وأنواعه ونماذجه
تُستخدم كلمة “خطاب” عمومًا للإشارة إلى كل أنواع الاتصالات، اللفظية أو غير اللفظية، المكتوبة أو المرئية، ولا يوجد تعريف محدد متفق عليه لخطاب الكراهية لذا هو من أكثر الموضوعات إثارة للجدل والخلاف. وقد ظهر المصطلح في الإعلام لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1989 ليشمل المشكلات التي تتعلق بالخطاب العنصرى المؤذى الذى كان محصنًا بالقانون الأميركي تحت بند حماية حرية التعبير. وثمة تعريفات منها: أنه خطاب يحفز على التحيز والعداء ويستهدف شخصًا أو مجموعة من الأشخاص بسبب بعض خصائصهم الفطرية الفعلية أو المتصورة. فهو يعبر عن مواقف تمييزية أو تخويفية أو مرفوضة أو معادية أو متحيزة تجاه تلك الخصائص والتى تشمل الجنس أو العرق أو الدين أو الإثنية أو اللون أو الأصل القومي أو الإعاقة. ويهدف إلى إلحاق الأذى بالمجموعات المستهدفة أو إزالتها ومضايقتها وترهيبها وإخضاعها للحط من قدرها وتهديدها وإحباطها، وإثارة البغض والوحشية ضدها. وهو كل كلام يثير مشاعر الكره والتنفير نحو مكون أو أكثر من مكونات المجتمع، وينادي ضمنًا بإقصاء أفراده إما بالطرد أو الإفناء أو بتقليص الحقوق أو اغتيال الشخصية، ومعاملتهم كمواطنين من درجة أقل كما يحوي هذا الخطاب، ضمنًا أو علنًا نظرة استعلائية كأساس يمكن أصحابه من الشعور بالتميز والاستحواذ وامتلاك الحقيقة والحقوق، وقد يتجاوز هذا الخطاب الحدود الجغرافية للبلد الواحد ليمتد إلى بلدان أخرى. ويعرف في القانون الأمريكي بأنه الخطاب الذى يدعو إلى أعمال العنف ويخلق مناخًا من الكراهية والأحكام المسبقة التي قد تتحول إلى تشجيع لارتكاب جرائم الكراهية. وتعرفه اليونسكو بأنه “عبارات تؤيد التحريض على الضرر خاصة التمييز أو العدوانية أو العنف حسب الهدف الذى يتم استهدافه”. ويضيف المجلس الأوربي أنه يمكن نقد الجماعات والطوائف المختلفة لكن دون استخدام ألفاظ أو عبارات تعبر عن السب والقذف أو عبارات تخرج عن حدود الآداب والذوق العام حتى لا يتحول إلى خطاب كراهية. ومع تكرار جرائم الكراهية أصبح التعريف أكثر مرونة ولم يعد خطاب الكراهية يدور فقط حول الكلمات الصريحة للأفراد التي تهدف إلى التحريض على العنف، ولكن خلق جو عام من التوترات تشجع العنف ضد أفراد أو جماعات معينة.
تتفق تلك التعريفات على أنه مشاعر قوية وغير عقلانية من الازدراء والعداوة أو البغض ولغة انفعالية من السب والقذف والإهانة والهجاء والتحامل لا تعتمد على الحجج والبراهين الموضوعية، بل تقوم على تأجيج المشاعر والعواطف تجاه المستهدفين بالخطاب، وإثارتها وتوجيهها بما ينشئ سلوكًا وثقافة مبنية على العنصرية والتمييز إزاء من وجَّه الخطاب ضدهم، مما يؤدى إلى انقسامات مجتمعية وسياسية حادة، وخطر وشيك لوقوع التمييز أو العدائية أو العنف ضد الأشخاص المنتمين لهذه المجموعات، وهنا تكمن خطورة هذا الخطاب خاصة إذا توفرت له المنصات الإعلامية والبيئة المهيئة له. ورغم أن رسائل الكراهية لا تسفر كلها عن ارتكاب جرائم فعلًا بدافع الكراهية، إلا أن تلك الجرائم قليلًا ما تحدث دون حالة مسبقة من وصم الفئات المستهدفة ونزع الطابع الإنساني عنها والتحريض الذى يغذيه التحيز الديني أو العنصري. وتكمن صعوبة التعريف الدقيق في أن بعض الخطابات تدخل في إطار النقاش العام الذي هو حق للمواطنين في انتقاد السلطة ولا يجوز تقييده مثل الخطابات التي تتناول فساد بعض المسئولين.
يتسم خطاب الكراهية بأنه موجه ضد فرد محدد أو يسهل التعرف عليه، أو الأكثر شيوعًا ضد مجموعة من الأفراد بالاستناد تعسفيًا إلى سمة غير ملائمة، ويوصم المجموعة المستهدفة ضمنًا أو صراحة بالصفات التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير مرغوب فيها، ويصور المجموعة المستهدفة كوجود غير مرغوب فيه ويُعدّ العداء نحوها شرعيًا، وهو خطاب يوحد ويفرق في نفس الوقت فيخلق “نحن” في مواجهة “هم” يغذي ثنائية الخير والشر، وأي تشكيك في ذلك يُعدّ تشكيكًا في هوية المجموعة.
ويمكن استخلاص عدد من المؤشرات للمفهوم كما يلى:
• المؤشرات الإجرائية:
o الدعوة إلى العداء أو الكراهية.
o إطلاق اتهامات دون سند أو تبرير.
o السب والاستهجان والتحقير.
o الوصم والإنقاص من قيمة الآخر.
o التحريض على الانتقام والنيل من الفرد أو الجماعة المستهدفة.
o الحث على التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو المعتقد أو الانتماء الفكري أو غيرها.
o الحض على العنف أو تبريره.
• أنواع خطاب الكراهية:
يمكن التفرقة بين ثلاثة أنواع على الأقل من خطاب الكراهية وفقًا لمستوى خطورتها:
أ- خطاب الكراهية الذى يجب حظره:
يمنح القانون الدولي أعضاء الأمم المتحدة الحق في حظره لمنع آثاره المدمرة، مثل التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية، يحتوي هذا النوع على التحريض على القيام جزئيًا أو كليًا بأفعال مثل: قتل شخص أو مجموعة من الناس ضحية خطاب الكراهية، إحداث إصابات على الجسم أو العقلية، التسبب في أضرار مادية متعمدة، القيام ببعض المحاولات لمنع ولادة الأطفال في جماعة معينة، إخراج الأطفال من أسرهم بالقوة.
ب- خطاب الكراهية الذى يمكن حظره:
يسمح القانون الدولي بتقييد حق حرية التعبير في حالات معينة لاحترام حقوق الإنسان وحماية الأمن القومي والاستقرار العام والصحة والأخلاقيات. والمقصود هنا الخطاب الذي لا يُشكّل جريمة جنائية، فالجهة الفاعلة لا تبذل أي محاولة للتحريض على فعل شيء محدد تجاه المستهدفين بالخطاب، ولكن يكون مسوغًا لدعوى مدنية أو إدارية مثل طلب تعويضات مادية.
ج- خطاب الكراهية غير المحظور:
وهي التعبيرات التي يُعتقد أنها تمس مشاعر شخص أو جماعة فهو لا يشكل جريمة جنائية وليس مسوغًا لدعوى مدنية أو إدارية، ولكنه مثير للقلق بشأن التسامح والتأدب واحترام حقوق الآخرين وعلى الرغم من أن القانون لا يحظره فإنه يمكن أن يغرس التعصب. وأفضل رد على هذا النوع من خطاب الكراهية ليس جعله جريمة بل بناء جسور التفاهم بين الطرفين.
• وسائط بث خطاب الكراهية:
تبرز الدراسات العلاقة بين خطاب الكراهية ووسائل الإعلام، غالبًا تكون وسائل الإعلام بمثابة المرسل المباشر للكلام الخطير والذى يؤدي إلى نتائج عنيفة. ويمكن نشره شفويًا أو مطبوعًا أو من خلال وسائط الإعلام التقليدية أو الإلكترونية مثل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ويستمد هذا الخطاب قوته وزخمه من العصر الرقمي الذي منح أي فرد يملك هاتفًا ذكيًا القدرة على المشاركة في محادثة عامة تجرى بين ملايين البشر مع إمكانية إخفاء هويته. وكذلك من خلال أشكال التعبير غير الشفوية كإبداء الرموز والصور وأنواع السلوك العنصرية في التجمعات العامة، وقد يبثه أفراد لهم قدرة على الاتصال بالجماهير مثل رجال الدين، والأكاديميين، والمعلمين.
• نماذج من خطاب الكراهية
o المستوى الوطني
– دأب ممثلو أحزاب الإسلام السياسي خلال فترة حكم المعزول محمد مرسى على تصوير النظام الحاكم على أنه الإسلام، وعلى تشبيه الصراع بين الحكم والمعارضة السياسية بأنه صراع بين الكفر والإيمان، وتحدث الخطباء الممثلون للأحزاب الدينية بوضوح وصراحة في حضور رئيس الجمهورية –في ذلك الوقت- بمؤتمر نصرة سورية يوم 15 يونيو 2013، وقام أحد رجال الدين من التيار السلفي بالدعاء على من سوف يشتركون في مظاهرات 30 يونيو ضد حكم الإخوان بما نصه “يرد كيدهم إلى نحرهم وأن يجعل تدميرهم في تدبيرهم”، وهو الدعاء المنسوب إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) في موقعة الأحزاب ضد الكفار، واعتبره الفقهاء دعاءً لأوقات الحروب والقتال، مما يعد تحريضًا صريحًا على العداوة والعنف.
– قيام جماعات الإسلام السياسى بتكفير مسئولى الدولة وأعضاء المؤسسات الوطنية من الجيش والشرطة بدعوى أنهم يدافعون عن الوطن ويناصرون السلطة (الطاغوت) وفق إدعائهم، على خلفية الثورة الشعبية ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية في 30 يونيو 2013.
o المستوى الإقليمي
– بعد ظهور تنظيم داعش في العراق وسورية، كان الجهاديون السلفيون قادرين على إعداد آلة دعاية فعالة على الإنترنت في وسائل التواصل الاجتماعي لنشر وجهات النظر الأصولية عن الإسلام، وتسويق الحرب، وأشرطة فيديو الإعدام، وكتيبات الإرهاب، للتحريض على الخوف والكراهية ضد الأنظمة السياسية القائمة ولتجنيد أعضاء جدد.
– انشطر المجتمع العراقي بعد 2003 إلى مكونات تحتمي بهوياتها الفرعية، وتمت تغذية ذلك بمزيد من الإقصاء السياسي، وتصاعد خطاب التخوين والكراهية بين أطراف العمل السياسي على خلفية التدخلات الإقليمية على حساب المصلحة الوطنية، وتم الانقسام وتآكل الثقة بين أبناء المجتمع والانزلاق إلى عملية سياسية غير مستقرة يشوبها العنف. ومن الأمثلة خلق صورة سلبية عن طائفة دينية والقول أن السنة والمدن السنية حواضن للإرهاب. واستعمال استعارات لوصم الآخر المختلف قوميًا ومذهبيًا وسياسيًا بصفات وأحكام من شأنها تحويله إلى عدو.
– نشرت وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية عام 2018 ما مجموعه 474250 منشورًا عنصريًا وتحريضيًا ضد الفلسطينيين تركز في الفيسبوك وعلي صفحات المواقع الإخبارية والجماعات اليمينية، وهي موجهة بدرجة كبيرة ضد أعضاء الكنيست من الفلسطينيين، والفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل، ومن بين كل 10 منشورات ضد العرب، وهو المصطلح الذى يستخدمه الإسرائيليون لطمس الهوية الفلسطينية، يحتوي منشور واحد على خطاب كراهية أو دعوة لارتكاب أعمال القتل والاغتصاب.
o المستوى الدولي
– أدى صعود أحزاب التيار اليمينى الإثني أو القومي إلى المزيد من رسائل الكراهية التي تجذب فئة أوسع نطاقًا من الناخبين، وتستجيب الأحزاب اليمينية المتطرفة للظروف والتحديات الراهنة مثل زيادة الهجرة غير النظامية والأزمة الاقتصادية والإرهاب… إلخ، من خلال سياسة الاستقطاب والخوف ونشر العنصرية الثقافية والكراهية وعدم التسامح، فيتم تصوير المهاجرين والأجانب خاصة غير القادرين على الاندماج في الثقافة الأوربية أنها شخصيات مختلفة ومتدنية ومصدر تهديد اجتماعي واقتصادي وأمني. وقد منحت العديد من الدول الأوربية في السنوات الأخيرة الحماية للكثير من طالبي اللجوء والمهاجرين الباحثين عن ملاذ آمن في أوربا، إلا أنها حماية لا تخلو من العقبات والتحديات والتي تشمل التمييز ومظاهر العنصرية وكراهية الأجانب، وأصبحت الاعتداءات الجسدية فضلًا عن تقييد حرية التنقل خارج المخيمات أو منع التعبير عن الهوية الدينية في ارتفاع مستمر، فرغم أن ألمانيا كانت أكثر الدول الأوربية ترحيبًا بالمهاجرين، إلا أنه حدثت عدة اعتداءات وهجمات معادية للأجانب على خلفية خطاب الكراهية وترديد وسائل الإعلام قيام المسلمين بالاعتداءات الإرهابية فقد تم حرق مسجد في برلين في مارس 2018 وإساءة معاملة العائلات السورية. أما بولندا فقد أغلقت حدودها تجاه اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين منذ 2017 باستثناء عدد محدود جدًا غالبيتهم من المسيحيين ومع ذلك تزايدت نسبة الهجمات وجرائم الكراهية على خلفية صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة ووصولها للسلطة منذ 2015 وتبنى حزب “القانون والعدالة القومى” والذي احتفظ بتقدمه أيضًا في انتخابات أكتوبر 2019 موقفًا مضادًا لهم، بل والتحذير من الأمراض التي يحملونها. وهناك منظمة “بيغيدا” -الأوربيون الوطنيون ضد أسلمة الغرب- المناهضة للإسلام، والتي تنتشر في جميع أنحاء أوربا، وترى أنه يجب إدراك تهديد الإسلام، ونظمت عددًا كبيرًا من الاحتجاجات ضد المسلمين مما خلق موجة غير مسبوقة من الخوف.
– تعرض المسلمون بعد الحادي عشر من سبتمبر للوصم والعداء في كثير من وسائط الإعلام الغربية، التي ربطت بين الإسلام والإرهاب، مما كان محركًا رئيسًا لظهور كراهية المسلمين حول العالم. على سبيل المثال ركز الإعلام الفرنسي في تناوله للإسلام على كل ما يزيد الكراهية والتركيز على مفاهيم ومصطلحات التطرف، والأصولية، والحرب المقدسة، وتعدد الزوجات، والجهاد، الإرهاب… إلخ، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومدريد سنة 2004، ولندن سنة 2005، والرسوم الكريكاتورية الدنماركية في 2005. وتتجاوز العائدات السنوية لخطاب الكراهية ملايين الدولارات حيث تروجه المجلات التي تعاني من الركود لكي تحل أزمتها الاقتصادية وتزيد عائداتها الإعلانية، وبالفعل زادت مبيعاتها في فرنسا لأكثر من 15%، فالكراهية تجارة رابحة إعلاميًا.
– سجل برنامج الإبلاغ الموحد عن الجرائم التابع لمكتب التحقيقات الاتحادي بالولايات المتحدة عام 2013 حوالى 6000 حادث من حوادث الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية 48,5% ذات دوافع عنصرية (66% ضد السود، 21% ضد البيض، 5% ضد الآسيويين، 4% ضد هنود أمريكا أو سكان ألاسكا الأصليين)؛ 17% بدافع التحيز الدينى، 11,1% بدافع التحيز الإثنى.
تبين تلك الأمثلة صعوبة خلو أي بلد أو مجتمع من الكراهية ولكن بدرجات، ويصبح ذلك الخطاب الكراهية أكثر وضوحًا وانتشارًا خلال فترات الاضطرابات السياسية أو الاقتصادية وفي المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية لتوافر مقومات البيئة الحاضنة للكراهية مثل الاستقطاب، والاختلالات المجتمعية، والطائفية… إلخ، وعادة ما تكون المرأة أو المنتمون إلى الأقليات القومية والإثنية والدينية واللغوية هم المستهدفون منها ويترتب عليه إصابة الفئات المستهدفة بضرر دائم في اعتزازها بالنفس وشعورها بالانتماء داخل مجتمعاتها، ومن ثم يزداد تهميشها وربما ممارسة العنف ضدها.
ثانيًا: خطاب الكراهية وحق حرية التعبير
1- هل يجب حماية خطاب الكراهية من أجل حماية قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
دافع كثير من المفكرين بقوة عن الحق في حرية التعبير ورأى جون ستيوارت ميل إذا كان كل البشر جميعًا يتفقون على رأي، وكان هناك شخص واحد فقط يؤمن بالرأي المعاكس، فلن يكون هناك ما يبرر للبشرية إسكات ذلك الشخص. ويدور جدل واسع حول مشروعية وتجريم خطاب الكراهية ومدى تعارض المفهوم الواسع غير المحدد له مع حرية التعبير المكفولة بالمواثيق الدولية وتتركز الأطروحات في اتجاهين يرى الأول أن مواطني الديمقراطية يجب أن يكونوا أحرارًا في مناقشة أي وجهة نظر يرون أنها مناسبة للنقاش، خشية أن يتوقف مجتمعهم عن أن يكون ديمقراطيًا، والأمر الضروري لشرعية الديمقراطية حق المواطنين مناقشة آرائهم حول القانون والسياسة، ومن ثم علينا الحياد إزاء خطاب الكراهية ورفض حظره وأفضل رد على الخطاب المفعم بالكراهية هو المناقشة وتنمية سوق للأفكار التي تواجهه وتفنده. وتتمثل العقبة القانونية في صعوبة تعريف خطاب الكراهية ومعايير ارتقائه لمرتبة التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف وربما تستخدم التشريعات الوطنية مصطلحات فضفاضة أو غير دقيقة يُساء تطبيقها. بينما يدعو الاتجاه الثاني إلى فرض القيود على خطاب الكراهية وتتحدد أسبابه في أن هدف الحكومات الديمقراطية هو تحقيق العدالة بشكل موضوعي وأن يتحرر الأشخاص من الإكراه والتهديد المعنوي ويؤدي خطاب الكراهية غالبًا إلى سياسات غير عادلة بشكل صارخ مما يتطلب تقييد وحظر ذلك الخطاب. وحتى لو كانت القوانين التي تحظر خطاب الكراهية تقلل من الطابع الديمقراطي للمجتمعات، فإنها لا تنال من أي قيمة من قيم الديمقراطية لأن حظر خطاب الكراهية لا يمنع المواطنين من أن يكون لديهم أفكار بغيضة فالحظر فقط يمنع إيذاء الآخرين من خلال التعبير عن تلك الأفكار لحماية الأقليات من الضرر الذى قد يصيها بسببه.
لقد طورت الأنظمة الأوروبية والأمريكية اختلافًا جذريًا النهج لتنظيم خطاب الكراهية العنصرية. في الولايات المتحدة الأمريكية، من المستحيل تقريبًا القيام بإدانة للتعبيرات العنصرية – بما في ذلك حرق الصليب – ما لم تكن الكلمات تثير عنفًا فوريًا أو تشكل تهديدًا مباشرًا بينما في معظم الدول الأوروبية تعتبر السلطات القضائية التحريض على الكراهية العنصرية خطرًا يُعاقب عليه، حتى إذا كان لا يزيد عن كتاب يشكك في المحرقة اليهودية ولا يعتبر خطاب الكراهية في أغلب الديمقراطيات الأوربية شكلًا من أشكال حرية التعبير التي تحميها القوانين. وتتعدد مقاربات التفسير وربما يعود ذلك إلى طبيعة الثقافة السياسية السائدة، فالمجتمع الأمريكي ومواطنوه أكثر دعمًا للحماية الموسعة لحرية التعبير والأولوية لقيمة الحرية وقد عززت الأحكام القضائية هذا التوجه، في حين أن الأوروبيين قد يعطوا وزنًا للقيم الأخرى مثل الكرامة الإنسانية والشخصية والشرف بشكل أكبر نسبيًا مقارنةً بحرية التعبير الجامحة. ومن جانب آخر، يجب النظر إلى النصوص القانونية المحددة ذات الصلة حيث يتمسك التعديل الأول للدستور الأمريكي بشكل قاطع بقيمة حرية التعبير، بينما تسرد المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان صراحة أسباب أن حرية التعبير يمكن أن تكون مقيّدة. ورغم غياب تعريف محدد لما يقصد بخطاب الكراهية إلا أن التشريعات الدولية لا تعتبر حرية التعبير حقًا غير مشروطًا.
2- المواثيق الدولية المتعلقة بخطاب الكراهية وعلاقته بحرية التعبير:
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
جاء في المادة 7 “الناس جميعًا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حقِ التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز”. والمادة 29 “لا يُخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إلا للقيود التي يقرها القانون مستهدفًا منها حصرًا ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحرِيات الآخرين واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي. ولا يجوز في أي حال أن تُمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها”.
• العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
تناولت المادة 19 حرية التعبير وأن “لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. ولكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”. وتستتبع ممارسة تلك الحقوق واجبات ومسئوليات خاصة، وأجازت إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون “محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”. وينبغى هنا التأكيد على ما جاء في التعليق العام للجنة المعنية بحقوق الإنسان على المادة 19 “أن التدابير التقييدية لهذا الحق يجب أن تكون قانونية وضرورية وتتماشى مع مبدأ التناسب بين الأضرار والمنافع المتوقع ترتبها على تطبيق القيد من عدمه، ويجب أن تكون مناسبة لتحقيق وظيفتها الحمائية، وأن تكون أقل الوسائل تدخلًا مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة، ويجب أن تكون متناسبة مع المصلحـة التي ستحميها”.
أما المادة 20 من ذلك العهد فنصت صراحة على أن “تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف”. وقد اعتبرتها بعض البلدان المادة الأكثر تقييدًا لحق حرية التعبير، وتحفّظ عليها بعض الموقعين على العهد مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واستراليا ونيوزيلاندا. لقد صدرت وثيقة عام 2009 وعرفت “بمبادئ كامدن لحرية التعبير والحق في المساواة” التي استندت لمناقشات الخبراء والأكاديميين وممثلين المجتمع المدني وركزت على صك التعريفات للعديد من المصطلحات ذات الصلة. وهناك أيضًا ورقة السياسات الصادرة عن منظمة المادة ١٩ -منظمة غير حكومية- خلال عام 2012، والتى تناولت عددًا من التوصيات بشأن الاستثناءات التي يجوز فرضها على حرية التعبير دون الإخلال بمضمونها. وينص المبدأ 12 من وثيقة كامدن على: (أ) إن كلمتي “الكراهية” و”العداء” تشيران إلى مشاعر قوية وغير عقلانية من الازدراء والعداوة والبغض تجاه المجموعة المستهدفة؛ (ب) إن كلمة “دعوة” تعني وجود نية لترويج البغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنية؛ (ج) إن كلمة “تحريض” تشير إلى تصريحات بشأن مجموعات قومية أو عرقية أو دينية تؤدي إلى خطر وشيك لوقوع تمييز أو عداء أو عنف ضد أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات.
• الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
تعد اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ نوعها اﻟتى ﺗﺘﻀﻤﻦ نصًا مباشرًا واﻟﺘﺰاﻣﺎت وضوابط فيما يتعلق باﻟﺘﻤﻴﻴﺰ وخطاب الكراهية وحظرت الدعوة إﻟﻰ الكراهية في المادة 4 التي تنص على “تشـجب الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو الـنظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثنى واحد، أو التي تحـاول تـبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصرى، وتـتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التميـيز وكل عمل من أعماله، وتتعهد بما يلي:
– اعتـبار كـل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض عـلى هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها جريمة يعاقب عليها القانون.
– إعـلان عـدم شرعية المنظمات، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة، وسـائر النشـاطات الدعائية التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون.
– عدم السماح للسلطات العامة أو المؤسسات العامة، القومية أو المحلية، بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه”.
• قرار مجلس الأمن رقم 1624 لعام 2005
طالب القرار جميع الدول أن تحظر بنص القانون التحريض على ارتكاب عمل أو أعمال إرهابية بـدافع التطـرف والتعـصب، وما لها من خطـر بـالغ ومتنـام علــى تمتـع النـاس بحقـوق الإنـسان، ويهـدد التنمية الاجتماعية والاقتـصادية لكافـة الـدول، ويقـوّض الاسـتقرار والرخـاء العـالميين، ودعى الدول لاتخاذ من التدابير ما قد يكون لازمًا ومناسبًا ومتمشيًا مع التزاماتها بموجب القانون الدولي بهدف أن تحرم من الملاذ الآمن أي أشخاص توجد بشأنهم معلومـات موثوقـة وذات صلة تشكل أسبابـًا جدية تدعو لاعتبارهم مرتكبين لذلك التصرف.
• الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان
نصت المادة 13 أن “أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية، واللذين يشكلان تحريضًا على العنف المخالف للقانون، أو أي عمل غير قانوني آخر ومشابهة ضد أي شخص أو مجموعة أشخاص مهما كان سببه بما في ذلك سبب العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الأصل القومي، تعتبر جرائم يعاقب عليها القانون”. يلاحظ هنا أن الاتفاقية حظرت فقط النوع الأشد خطورة وهو المتضمن تحريضًا على العنف.
• الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان
أكدت المادة 10 على حرية التعبير وأن “هذه الحريات تتضمن واجبات ومسؤوليات لذا يجوز إخضاعها لشكليات إجرائية، وشروط، وقيود وعقوبات محددة في القانون حسبما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن القومي، وسلامة الأراضي، وأمن الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة، وحماية الصحة والآداب، واحترام حقوق الآخرين، ومنع إفشاء الأسرار، أو تدعيم السلطة وحياد القضاء”، وذكرت المادة 17 “ليس في أحكام هذه المعاهدة ما يجوز تأويله على أنه يخول أية دولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بأى نشاط أو عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات المقررة في المعاهدة، أو فرض قيود على هذه الحقوق والحريات أكثر من القيود الواردة بها”. يلاحظ أنه بالرغم من وضع بعض القيود على حرية التعبير غير أنها على غرار الإعلان الدولي لحقوق الإنسان لم تجرم خطاب الكراهية لكنها سمحت في الوقت نفسه اعتباره جريمة، إذ أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنظر إلى قضايا التعبير وخطاب الكراهية والتحريض على نحو يتعامل مع كل قضية وفق ظروفها ومعطياتها بما يتوافق مع تلك المعاهدة.
• مدونة ﺳﻠﻮﻙ الاتحاد الأوربي لمكافحة خطابات ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘﺮنت
عقدت مفوضية الاتحاد الأوربي لشئون العدالة في مايو 2016 ببروكسل اجتماعًا لشركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى لمناقشة كيفية حماية الفضاء الرقمي من خطابات الكراهية والتحريض في ضوء أن وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية لتطرف الشباب وفى الوقت ذاته ينبغى ضمان بقاء الإنترنت مكانًا للتعبير الحر والديمقراطي. وانتهى الاجتماع بإعلان “مدونة سلوك لمكافحة خطاب الكراهية غير القانوني على شبكة الإنترنت”. وعرفته بأنه “كل سلوك يحرض علنًا على العنف أو الكراهية الموجهة ضد مجموعة من الأشخاص أو أحد الأفراد، استنادًا إلى العرق أو اللون أو الدين، أو النسب أو الأصل القومي، أو الإثني”. ونصت على أن تشارك شركات تكنولوجيا المعلومات، مع المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء على الالتزام بمواجهة هذا الخطاب على النحو المحدد في القرار الصادر في 28 نوفمبر لعام 2008 بشأن مكافحة مظاهر العنصرية وكراهية الأجانب طبقًا للقانون الجنائي الدولي والقوانين الوطنية. وانضمت فيس بوك وتويتر وجوجل ومايكروسوفت لمدونة السلوك المتفق عليها، والتزمت الشركات بمراجعة أي إشعارات بخطابات تحمل الكراهية تظهر على خدماتها ومواقعها وتلتزم بمراجعتها وإزالتها خلال 24 ساعة. وقد دار جدل واسع حول المدونة وعدم وضعها لضوابط دقيقة لما يعد خطاب كراهية ومدى تعارض التزامات الشركات التي لها مواقع تواصل اجتماعي مع حرية التعبير على تلك المواقع، حيث لم توضح بعض المواقع الإجراءات التي تتبعها وفقًا لهذا الالتزام بشفافية. تجدر الإشارة أنه بعد ساعات من توقيع تلك المدونة، تقدم على خارطة الترند في الولايات المتحدة هاشتاج “أنا أقف مع خطاب الكراهية” احتجاجًا على توقيعها باعتبار أن التعبير عن كراهية أعراق بعينها -في رأيهم- هو ضمن الحق في حرية التعبير.
• الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
جاء في المادة 2 “يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات المعترف بها والمكفولة في هذا الميثاق دون تمييز خاصة إذا كان قائمًا على العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر”. ولم ينص صراحة على خطاب الكراهية إنما وضع قيود على حرية التعبير ترتبط بإخضاعها للقوانين ولم تتم الإشارة إلى أن التقييد هو الاستثناء وذلك في نص المادة 9 “يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها في إطار القوانين واللوائح”.
• الميثاق العربي لحقوق الإنسان
نص في المادة 2 على أن “أشكال العنصرية والصهيونية والاحتلال والسيطرة الأجنبية كافة هي تحد للكرامة الإنسانية، وعائق أساسي يحول دون الحقوق الأساسية للشعوب، ومن الواجب إدانة جميع ممارساتها والعمل على إزالتها”، وتناولت المادة 32 حرية الرأي والتعبير ونصت على أن “تُمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”. لقد حددت المادة الحالات التي يجوز فيها تقييد حرية الرأي استثناءً.
• إعلان حرية الإعلام في العالم العربي
أعدته وصادقت عليه نقابات الصحفيين من العالم العربي ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان، وصحفيين ومؤسسات إعلامية، وتم تقديمه إلى جامعة الدول العربية وقد تناول المبدأ الثامن خطاب الكراهية والتعصب وأنه ينبغي أن تسن الدول قوانين تحظر توزيع تصريحات تمثل دفاعًا عن الكراهية القومية، أو العرقية أو الدينية وتعتبر تحريضًا على التمييز أو العدوانية أو العنف” بحسب المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”يتحمل الإعلام مسؤولية مهنية، وأخلاقية، ومسؤولية تجاه المجتمع في محاربة الكراهية والتعصب والطائفية، وهذا يتضمن نشر تقارير صحافية دقيقة وموضوعية”.
• خطة عمل الرباط
نظمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في عام 2011 سلسلة من حلقات عمل الخبراء في مُختلف الدول حول التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية في ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان. وهدفت المفوضية إلى إجراء تقييم شامل لتطبيق التشريعات والسوابق القضائية والسياسات العامة فيما يتعلق بخطاب الكراهية. وعقدت حلقة عمل ختامية في الرباط في 2012 وذلك للتوصل إلى تحليل مقارن لنتائج جميع حلقات العمل. أبرزت النقاشات في مختلف حلقات العمل عدم وجود أي حظر قانونى للتحريض على الكراهية في العديد من الأطر القانونية الوطنية عبر العالم، كما أن التشريعات التي تحظر التحريض تستخدم مصطلحات متفاوتة، وهي غالبًا غير منسجمة مع المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، فكلما توسع تعريف التحريض على الكراهية في القوانين الوطنية زادت الاحتمالات بفتح باب التطبيق التعسفي لتلك القوانين. كما أن المصطلحات المتعلقة بمخالفات التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تختلف باختلاف البلدان ويزداد غموضها نوعًا ما، في حين يجري تضمين التشريعات الوطنية أنواعًا جديدة من القيود على حرية التعبير. وينجم عن ذلك مخاطر الوقوع في خطأ تفسير المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإضافة قيود على حرية التعبير غير واردة في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
• وثيقة الأخوة الإنسانية
وقع فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، وثيقة “الأخوة الإنسانية” في فبراير 2019 بأبوظبى والتى تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية كونها صادرة عن مؤسسات دينية رسمية بهذا الوزن الروحي والامتداد الجغرافي. وجاء بها “نعلن -وبحزم- أن الأديان لم تكن أبدًا بريدًا للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية والعداء والتعصب، أو مثيرة للعنف وإراقة الدماء، فهذه المآسي حصيلة الانحراف عن التعاليم الدينية ونتيجة استغلال الأديان في السياسة، وكذا تأويلات طائفة من رجالات الدين -في بعض مراحل التاريخ- ممن وظف بعضهم الشعور الدينى لدفع الناس للإتيان بما لا علاقة له بصحيح الدين من أجل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية دنيوية ضيقة؛ لذا فنحن نطالب الجميع بوقف استخدام الأديان في تأجيج الكراهية والعنف والتطرف والتعصب الأعمى”.
جدير بالذكر أن ثمة علاقة قوية بين خطة عمل الرباط ووثيقة الإخوة الإنسانية، فخطة الرباط تعد أحد أهم الأدوات التنفيذية لوثيقة الإخوة الإنسانية من أجل تعزيز الإخوة ومكافحة خطاب الكراهية الذى يقوض الإخوة، لأن مضمون توصياتها شامل لعدة قطاعات تشمل التشريعات والقضاء، والسياسات العامة، ورجال الدين، ووسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية. ومن ناحية أخرى، يحتاج تنفيذ وثيقة الإخوة الإنسانية إلى جميع الوثائق والمعايير الحقوقية السابقة وهذا ما أكدته الوثيقة بالنص على “إن هذه الوثيقة إذ تعتمد على كل ماسبقها من وثائق عالمية نبهت إلى دور الأديان في بناء السلام العالمى، فإنها تؤكد الآتى… إلخ”.
3- كيف يتم تقييم التعبيرات بأنها خطاب كراهية؟
صممت منظمة المادة ( 19 ) اختبارا من ستة معايير أساسية لتسهيل الوقوف على مدى اعتبار التعبير مثار الجدل مشروعًا، أو يدخل في نطاق التحريض المحظور بموجب المواثيق الدولية السابقة. ويتكون هذا الاختبار من المعايير التالية:
• سياق التعبير
بما في ذلك مراعاة النزاعات القائمة داخل المجتمع، ووجود وتاريخ من التمييز المؤسسي، وتاريخ الصدامات والنزاعات على الموارد، والإطار القانوني ومدى احترامه فيما يتعلق بحظر التمييز العنصرى وإتاحة حرية التعبير وتوافر نظام قضائي فعال، والمشهد المتعلق بوسائط الإعلام من حيث الحرية والتعددية والتنوع. ويتعين النظر في مسائل من قبيل الرقابة، ووجود حواجز أمام إنشاء مؤسسات وسائط الإعلام، وحدود استقلالية تلك الوسائط أو استقلالية الصحفيين، والقيود الواسعة النطاق وغير الواضحة على المحتوى المقرر نشره أو إذاعته والدليل على الإجحاف في تطبيق القيود، وغياب انتقاد الحكومة أو النقاش السياسى المتنوع في وسائط الإعلام، وإمكانية وصول الجمهور إلى طائفة بديلة يسيرة الاطلاع من الآراء والخطب.
• المتحدث
بما يشمل مراعاة منصبه الرسمي، ومستوى سلطته أو مكانته الاجتماعية أو تأثيره على الجمهور، أو تقتضي وظيفته التعامل مع قطاعات واسعة من الجمهور مثل المعلمين، والأكاديميين، ورجال الدين والإعلاميين، وما إذا كان التصريح قد أدلى به الشخص بصفته الرسمية؛ فالسياسيون والمسؤولون العموميون أو الأشخاص ذوو المركز المماثل يتعين منحهم اهتمامًا خاصًا.
• نية المتكلم
بالتحريض على الكراهية وليس مجرد الاستهتار أو الإهمال، وهو من أكثر المعايير صعوبة لأنه يتطلب اعترافًا صريحًا من المتحدث أو يمكن استنباطها من خلال أسلوب المتحدث، أهدافه، دوافعه هل مجرد نقد أو نقاش موضوعي أو سرد تاريخي لأحداث معينة.
• محتوى التعبير، بما يشمل من عناصر
– ماذا قيل؟ فالتعبير التحريضي يجب أن يتسم بدعوة مباشرة للجمهور ليقوم بفعل معين يتسم بالعنف أو التمييز العنصري أو العداء أو الكراهية ضد أفراد أو مجموعات.
– الجمهور المستهدف من حيث خلفيته الثقافية وهل يشعر بالخطر من الأفراد أو المجموعات المحرض ضدهم، مما يكون مبررًا لأعمال عنف استباقية بهدف الدفاع عن النفس.
– الضحايا المستهدفين المحتملين، يجب أن يكون المحرض ضده في محتوى التعبير واضحًا، سواء تمت الإشارة إليه بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، أو باستخدام التعبيرات المجازية.
– طريقة التعبير وتشمل اللهجة، ومدى استفزازيتها للجمهور المخاطب، والكلمات المستخدمة في التوصيف.
– قوالب التعبير: هناك بعض طرائق التعبير تتطلب طبيعتها استخدام طريقة معينة في مخاطبة الجمهور مثل الفن والأبحاث الأكاديمية، والمناظرات السياسية، يجب التعامل معها بعناية شديدة عند تطبيق معايير التحريض على أي محتوى حتى لا يتم فرض قيود غير موضوعية على حرية التعبير.
• حجم التعبير وقوة انتشاره
بما يشمل وسيلة النشر (صحافة، وسائط سمعية بصرية، أعمال فنية، الانترنت)، الطبيعة العامة للتعبير أن يكون علنيًا في المجال العام، تكرار النشر.
• احتمال حدوث الضرر
وما إذا كان وشيكًا من حيث قدرة المتحدث على إقناع الجمهور، وتوافر الإمكانيات اللازمة لتنفيذ الفعل المحرض على ارتكابه .
ثالثًا: مداخل مواجهة خطاب الكراهية
• المدخل السياسي
يتطلب أن تقوم الدول بما يلى:
– تعزيز الآليات الوطنية لمحاربة خطاب الكراهية بالتنسيق مع مختلف المؤسسات وتقديم تقارير عن جهودها إلى هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان من خلال التقارير الدورية، وكذلك أثناء الاستعراض الدورى الشامل الذى يجريه مجلس حقوق الإنسان.
– ضمان التعويض والحق في الانصاف الفعال للأشخاص الذين تكبدوا أضرار حقيقية نتيجة خطاب الكراهية.
– التوصل لاتفاق مع مقدمي خدمة الإنترنت بهدف إزالة المحتوى المتعلق بخطاب الكراهية والتحريض عليها بمجرد إخطارهم وفقًا للتشريعات الوطنية والدولية وطبقًا لمعايير محددة مع مراعاة الشفافية.
– يقظة الحكومات لتلقي إشارات الإنذار المتعلقة بالكراهية والعنف في وقت مبكر.
– المبادرة بمنح مختلف مكونات المجتمع والأقليات حقها في ممارسة شعائرها الدينية بحرية وانفتاح أو تستخدم لغتها وأن يكون لها صوت مسموع في الحياة السياسية والقرارات التي تؤثر عليها.
– حث الزعماء والسياسيين وأعضاء الأحزاب الكف عن استخدام العرق والدين والانتماءات الأولية الطائفية لزيادة التوترات خلال الحملات الانتخابية لتحقيق مكاسب سياسية.
• المدخل القانوني
تبين السوابق القضائية أنه نادرًا ما يتم اللجوء إلى الآليات القضائية في قضايا التحريض على الكراهية، وغالبًا ما يكون الضحايا من الجماعات المحرومة أو المستضعفة في الكثير من أنحاء العالم. قد يكون ذلك لغياب التشريع أو عدم توافر المساعدة القضائية للأقليات أو عدم توافر قاعدة بيانات سهلة الوصول أو محدودية الثقة أو غياب الوعى أساسًا بشأن حق التقاضي، ومن ثم يجب:
– وضع ضوابط قانونية في كل دولة للالتزام بالمهنية وتجريم بث خطاب الكراهية.
– مراعاة التفرقة أثناء سن تلك التشريعات بين أنواع خطاب الكراهية الثلاثة السابق الإشارة لها.
– ضرورة الإطلاع على السوابق والأحكام القضائية إقليميًا ودوليًا.
• المدخل الإعلامي
تبنى إعلان الرباط مجموعة من التوصيات من أهمها:
– الحث على ضرورة توفير جميع المؤسسات الإعلامية وباقى الفاعلين المعنيين للموارد اللازمة لزيادة الوعي بأثر خطاب الكراهية في المجتمعات مع تأمين المزيد من التكوين لمهنيي الإعلام والمنظمات الإعلامية لتحليل خطاب الكراهية والتبليغ عن الأفعال الإجرامية المرتكبة في هذا الإطار.
– توجيه خطاب وسائل الإعلام للتعريف بالثقافات والتقاليد والمعتقدات المختلفة للقضاء على الصور النمطية التي تعزز مواقف الكراهية داخل وسائل الإعلام.
– تعزيز التربية على أخلاقيات الممارسة الإعلامية، مع التركيز على حقوق ومسؤوليات الصحافيين بناء على الأدوار التي يلعبونها في تكوين الرأى العام.
– تعزيز قدرات الصحفيين من أجل التعرف على خطاب الكراهية ومواجهته.
– تشجيع ضحايا خطاب الكراهية على التبليغ وإحداث آليات للرصد والتتبع على مستوى وسائل الإعلام والمجتمع المدني.
– حرية وصول الجماعات المختلفة والأقليات العرقية والدينية إلى وسائل الإعلام لعرض وجهات نظرها.
• المدخل التعليمي
ويتضمن تفعيل دور التعليم في معالجة وبناء القدرة على مواجهة خطاب الكراهية عدة توصيات أبرزها:
– التنشئة على القيم المدنية وإدماجها في المناهج بما يعزز الإدراك الإيجابى للآخر.
– تصميم برامج تدريب للمعلمين لغرسها في النشئ.
– رفع الوعي وتحقيق شعور مشترك بضرورة التصدى لبذور الكراهية للحفاظ على تماسك المجتمع.
– نشر البديل الإيجابي والروايات المضادة بشأن الجماعات أو الفئات التي تتعرض لخطاب الكراهية.
• المدخل الاجتماعي
– نشر قيم المواطنة والمساوة ودعم الحوار والتعايش السلمي والتنوع وقبول الاختلاف بين الجماعات المتنوعة.
– التخطيط لسياسات اجتماعية واقتصادية تهدف لخلق مجتمعات متماسكة وبيئة غير منتجة لخطاب الكراهية تعالج الأسباب الجذرية والعوامل المحركة لذلك الخطاب، وذلك من خلال مراعاة العدالة الاجتماعية، ضرائب عادلة، الحماية الاجتماعية، الحد من الفقر، توفير فرص التوظيف، جودة الخدمات الصحية والتعليمية، توفير السكن الملائم، تحقيق الأمن الشخصي والأسري، والاقتصادي، جودة البيئة.. إلخ. وذلك على قدم المساواة بين جميع فئات المجتمع.
– إشراك المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المستقلة في تقديم مبادرات وأنشطة وندوات ومؤتمرات تعزز وحدة النسيج الاجتماعي، وجمع الأفراد والجماعات من ذوى الآراء المتعارضة في مناقشات جماعية.
الخاتمة
ناقشت الورقة خطاب الكراهية من منظور حقوقي باعتبار أن حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية وتعتبر عنصرًا أساسيًا لبناء مجتمعات مستقرة وآمنة وديمقراطية وتطرقت لمعرفة ما الحدود الفاصلة بين الحق في حرية الرأي والتعبير وخطاب الكراهية. ركز المحور الأول على تعريف خطاب الكراهية وأنواعه ونماذجه. وبين أنه لا يوجد تعريف محدد متفق عليه لخطاب الكراهية لذا هو من أكثر الموضوعات إثارة للجدل والخلاف. واستعرض عدة تعريفات ولعل أبرزها تعريف اليونسكو بأنه عبارات تؤيد التحريض على الضرر خاصة التمييز أو العدوانية أو العنف حسب الهدف الذى يتم استهدافه. وتتفق جميع التعريفات على أن خطاب الكراهية مشاعر قوية وغير عقلانية من الازدراء، والعداوة، أو البغض، ولغة انفعالية من السب والقذف والإهانة والهجاء والتحامل لا تعتمد على الحجج والبراهين الموضوعية بل تقوم على تأجيج المشاعر والعواطف تجاه المستهدفين بالخطاب. واستخلص عددًا من المؤشرات الإجرائية للمفهوم، وميز بين ثلاثة أنواع له وفقًا لمستوى الخطورة، وعرض بعض الأمثلة لخطاب الكراهية على المستويات الوطنية، والإقليمية، والدولية.
أما المحور الثاني فناقش العلاقة بين خطاب الكراهية وحق حرية التعبير من خلال اتجاهين يرى الأول أن مواطنى الديمقراطية يجب أن يكونوا أحرارًا في مناقشة أي وجهة نظر يرون أنها مناسبة للنقاش، خشية أن يتوقف مجتمعهم عن أن يكون ديمقراطيًا، والأمر الضروري لشرعية الديمقراطية حق المواطنين مناقشة آرائهم حول القانون والسياسة، ومن ثم علينا الحياد إزاء خطاب الكراهية ورفض حظره وأفضل رد على الخطاب المفعم بالكراهية هو المناقشة وتنمية سوق للأفكار التي تواجهه وتفنده. وتتمثل العقبة القانونية في صعوبة تعريف خطاب الكراهية ومعايير ارتقائه لمرتبة التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف وربما تستخدم التشريعات الوطنية مصطلحات فضفاضة أو غير دقيقة يُساء تطبيقها. بينما يدعو الاتجاه الثاني إلى فرض القيود على خطاب الكراهية وتتحدد أسبابه في أن هدف الحكومات الديمقراطية هو تحقيق العدالة بشكل موضوعي وأن يتحرر الأشخاص من الإكراه والتهديد المعنوي ويؤدي خطاب الكراهية غالبًا إلى سياسات غير عادلة بشكل صارخ مما يتطلب تقييد وحظر ذلك الخطاب. ولا يمس ذلك الحظر أي قيمة من قيم الديمقراطية إنما فقط يمنع إيذاء الآخرين.
تناول ذلك المحور أيضًا المواثيق الدولية المتعلقة بخطاب الكراهية وعلاقته بحرية التعبير مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وقرار مجلس الأمن رقم 1624 لعام 2005، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، ومدونة ﺳﻠﻮﻙ الاتحاد الأوربي لمكافحة خطابات ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘﺮنت، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان حرية الإعلام في العالم العربي، وخطة عمل الرباط، ووثيقة الأخوة الإنسانية. وانتهى المحور بعرض مؤشرات لكيفية تقييم التعبيرات بأنها خطاب كراهية من خلال سياق التعبير، والمتحدث، ونية المتكلم، ومحتوى التعبير، وحجم التعبير وقوة انتشاره، واحتمال حدوث الضرر.
سعى المحور الثالث إلى تقديم أساليب مواجهة خطاب الكراهية وتقديم عدة توصيات في كل من المجال السياسي، والقانوني، والإعلامي، والتعليمي، والاجتماعي. وخلصت الورقة إلى أن التصدي لخطاب الكراهية يظل رهينًا بإحراز تقدم في المسار الديمقراطي وممارسة حرية الرأي والتعبير بلغة موضوعية بعيدة عن بث الكراهية والتحريض على التمييز، وإذكاء الاستقطاب السياسي والمجتمعي. وتؤثر التحولات في السياق الاجتماعي والسياسي بقوة على تصنيف خطاب معين أنه خطاب كراهية والمساءلة القانونية بشأنه فمازال هناك ثقب تتساقط فيه الحدود الواضحة والحاسمة بين خطاب الكراهية والحق في حرية التعبير ويخضع للسلطة التقديرية وربما يتم التلاعب به وفق السياق السياسي والاجتماعي القائم في أي مجتمع من المجتمعات. ورغم أهمية تلك المداخل لكن ينبغى تكاملها جميعًا فهناك منطقة رمادية تحتمل التفسيرات والتأويلات لبث رسائل الكراهية بطرق غير مباشرة والمطلوب هو بيئة اجتماعية يشعر الأفراد فيها أنهم لن يتعرضوا للتمييز أو الإهانة أو الترهيب بسبب هويتهم.
(*) د. حنان أبو سكين: أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
(*) يُنشر بإذن خاص من الكاتبة.