دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية

الملخص:

يهدف البحث إلى التعرف على دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مواجهة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية، وذلك من خلال بيان تأثير هذا النوع من الخطاب على الثقافة الجمعية للمجتمع العراقي، وبيان مدى قدرة الإعلام الإلكتروني البديل على تكوين رأي عام مناهض للغلو والتطرف بصوره المختلفة، كما يهدف البحث إلى الكشف عمّا إذا كان هناك فروق دالة إحصائيا فيما يتعلق بآراء أفراد العينة نحو دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مواجهة خطاب الكراهية يُعزى لمتغيري الاختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة.

واتبعت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي، حيث رصدت دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مواجهة خطاب الكراهية، من وجهة نظر عينة من تدريسيي وطلبة بعض الجامعات العراقية، وتكونت العينة من عينة قصدية مكوّنة من (55) شخصًا توزعوا بين تدريسيين وطلبة. وتوصل البحث إلى نتائج مفادها أن هناك علاقة طردية بين متغيري الاختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة فيما يخص آرائهم حول مشكلة البحث.

مقدمة:

في الوقت الذي يصبح الإنترنت جزءًا من متطلبات الحياة بالنسبة لمعظم أفراد الجمهورء تدخل المؤسسات الإعلامية في معترك التنافس الحثيث مع صحافة المواطن، هذا التنافس الذي يفرض على هذه المؤسسات تسريع وتيرة عملها للحفاظ على مصداقية المضامين التي تنشرها والحفاظ على السبق في ذات الوقت. وهي مهمة شبه مستحيلة، أوقعت الكثير من وسائل الإعلام في فخ الإشاعة والانحياز والنشر المضلل.

وفي بلد كالعراق تشير آخر الإحصائيات أن نسبة مستخدمي الإنترنت بين سكانه تبلغ 42% من مجموع سكانه (بواقع 16 مليون مستخدم من أصل 38 مليون نسمة)، وتبلغ نسبة مستخدمي الفيسبوك 20% من مستخدمي الإنترنت في العراق، إذ يعتبر الموقع الأكثر تفضيلًا في العراق، إذ تتواجد 92% من الصحف الالكترونية العراقية على فيسبوك فيما تتواجد 85% منها على تويتر وتغيب معضمها عن انستغرام ولينكدإن، ولا توفر غالبيتها تطبيقات اندرويد أو ايفون (الإعلام، 2017).

كما يحل فيسبوك المرتبة الرابعة بين المواقع الأكثر زيارة من قبل المستخدمين في العراق حسب موقع الكسا، ويحل تويتر المرتبة السادسة عشر (الحيدري، 2009).

لذا فإن وسائل الإعلام، وتماشيًا مع متطلبات العصر، مرت بمراحل من الانفتاح على التواصل متعدد الجهات، حيث يحدد الباحث في علوم الإتصال والأخبار عبد الله الزين الحيدري هذه المراحل. فقد اعتبر أن الانفتاح الثنائي (التفاعلي) يتجسد بالمواقع الإلكترونية التي تنشئها الوسيلة الإعلامية، والتي تحقق نمطأ من التفاعل مع جمهور الوسيلة بخصوص مضامينها، كما تمتلك قنوات التلفزيون والإذاعات نوعًا من التفاعل يسمى بالتلفزيون الشخصي المحمولء وهي تقنية استقبال البث التلفزيوني أو الاذاعي على الهاتف الجوال وغييره من التقنيات الطرفية المحمولة (الحيدري، 2009).

كما أصبحت وسائل الإعلام تتقارب وتتكامل دون أن تنفي أحدها الأخرى، هذا التققارب يأتي نتيجة الثورة المعلوماتية وسهولة تدفق المعلومات، كما أن التنافسية العالية بين الوسائل الإعلامية المهنية منها وغير المهنية فيما يتعلق بالتعاطي مع الحدث والمصداقية يخلق نموذجًا مختلفًا من العلاقة بين الجمهور والتعامل مع المضامين الإعلامية (المنصور، 2012).

هذا النموذج الجديد من الإعلام قد طور دور الجمهور من التعليق على الرسائل الإعلامية من خلال إرسال ‏التعليقات وبريد القراء وسجل الزوار وغيرها إلى البدء بصناعة المادة الإعلامية من خلال ظهور المدونات ‏وشبكات التواصل الإجتماعي فيما بعد. فالإعلام اليوم لا يخضع لنموذج الإتصال التقليدي (من الأعلى إلى الأسفل أو ثنائي الاتجاه) وإنما يمكن اعتباره لا متناهي الاتجاهات، وهو يستمد شكله ومساراته من شبكة الإنترندت وخصائصها التشاركية.

يعتمد هذا النموذج على مبدأ المجتمعات الافتراضية أو كما تسمى المجموعات على الخط “online communities” في بداياتها بفعل احتياجات التعليم واستخدام تكنولوجيات الحاسوب والاتصالات الرقمية منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ثم ظهر بعد ذلك ما سمي بالمجتمعات الشبكيةnetworked communities، مع أوائل التسعينات، حيث تطورت في شكل جماعات معروفة من مستخدمي الإنترنت تشترك في الخصائص والاحتياجات والمهارات، انتشرت هذه الجماعات بانتشار تكنولوجيا الويب (سلام، 2014).

“ويعد هاورد رينجولد Haward Rhingold من الأوائل الذين ساهموا في توجيه نظر العالم صوب دراسة المجتمعات الافتراضية، وقد جاء ذلك في كتابه الجماعات الإفتراضية Virtual communities الذي نشر عام 1993م، والذي يؤكد فيه بأن هذه الجماعات قد تشكلت من أماكن متفرقة في أنحاء العالم، يتقاربون فيما بينهم ويكوّنون صداقات يجمع بين هؤلاء الأفراد اهتمام مشترك (الفيصل. 2014).

أولًا – مشكلة البحث:

يعيش العالم بشكل عام مرحلة انفجار المعلومات من خلال التطور الهائل في تكنولوجيا النشر الإلكتروني، والتدفق الكبير للمعلومات عن طريق مختلف القنوات والبوابات والمنصات الالكترونية، وسهولة وسرعة الحصول على المعلومات بشكل مجاني، الأمر الذي مكّن الجمهور من اختيار الرسائل الإعلامية التي يتعرض لهاء مما عزز الصفة الانتقائية التي يمتاز بها جمهور وسائل الإعلام في تعرضه للمضامين الإعلامية، والتي أصبحت غير مقتصرة على عدد مععين من المؤسسات الإعلامية وإنما ومع ظهور الإعلام الإلكتروني وصحافة المواطن أصبحت عملية إنتاج المحتوى الإعلامي متاحة للجميع.

هذا التدفق الحر للمعلومات والإمكانيات اللامحدودة ومع كل مزاياه وجوانبه الإيجابية على صناعة الإعلام وإتاحة الحقيقة أمام الجمهور، إلا أنه أوقع العالم في فخ التسابق على حساب المضمون، وكذلك عزز من النشر المضلل وانتشار الأكاذيب والشائعات، وفتح الأفاق أمام نشر الكراهية والتطرف والأفكار الشاذة، بالإضافة إلى انتشار العبارات والأفكار البذيئة بسبب غياب الرقابة وعدم إمكانية المحاسبة أو الملاحقة القانونية.

أمام هذه الجدلية بين محاسن ومساوئ التدفق الحر للمعلومات، تبرز الحاجة إلى منصات إعلامية حرة غير مرتبطة بالإعلام التقليدي وإنما تنبع من داخل الجمهور، تواجه الخطاب المتطرف والنشر المضلل وتسعى لنشر الوعي المعلوماتي وتحري الصدق والدقة قبل نشر المعلومات والأخبار.

ومن هنا فإن ما سبق يدعو الباحثة إلى النظر في انعكاسات المنصات الإعلامية الإلكترونية، ودورها في الحد ومكافحة الكراهية والتطرف في إطار تشخيص وفهم لسياق الوضع الراهن في العالم العربي والعالمي، وفي سياق الأوضاع المجتمعية الراهنة التي يمر بها العالم من خلال الإجابة عن السؤال الرئيسي التالي:

“ما دور المنصات الإعلامية الالكترونية في محاربة خطاب الكراهية؟”.

ثانيًا – أسئلة البحث:

تتبلور أسئلة البحث من خلال التساؤل الرئيسي للمشكلة، وتتمثل في الآتي:

1. ما دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مكافحة خطاب الكراهية؟

2. ما دوافع أفراد العينة من متابعة شبكات التواصل الإجتماعي ودورهم في الإسهام في الحد من خطاب الكراهية والتطرف من خلال المساهمة في المنصات الإعلامية الإلكترونية؟

3. هل توجد فروق دالة إحصائيًا عند مستوى الدلالة (ألفا 05.0) فيما يتعلق بآراء أفراد العينة نحو (دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية) يعزى لمتغيري الاختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة؟

ثالثًا – أهداف البحث:

تتبلور أهداف البحث في الآتي:

1. التعرف إلى دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية.

2. تبصير الرأي العام العربي بخطورة خطاب الكراهية، والنشر المضلل وضرورة مواجهته، وتسليط الضوء على بعض المبادرات التي تهدف لمواجهة هذا الخطاب.

3. الكشف عما إذا كان هناك فروق دالة إحصانيًا عند مستوى الدلالة (ألفا 05.0) فيما يتعلق بآراء أفراد العينة نحو (دور المنصات الإعلامية الالكترونية في محاربة خطاب الكراهية) يعزى لمتغيري الاختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة.

4. تقديم جملة من المقترحات لتفعيل دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية.

رابعًا – أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في أهمية دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية، وما تعكسه هذه المنصات على حياة الناس من خلال انخراطهم في الاستقبال والمشاركة في النشر الإلكتروني، وتتركز في الآتي:

1. بيان أهمية دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية.

2. رصد واقع الإعلام من خلال شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية، كخطوة أولى وأساسية نحو العمل على إيجاد حلول للحدّ من ظاهرة الكراهية والنشر المضلل.

3. قد تساعد القائمين في الإعلام العربي والمحلي في توظيف آليات جديدة لمكافحة هذه الظاهرة.

4. قد تكون قاعدة ينطلق منها الإعلاميون، للكشف عن المزيد من الحقائق المعرفية التي تهتم بظاهرة التطرف.

خامسًا – حدود البحث:

تتمثل حدود البحث في الآتي:

1. الحدود المكانية: استبانة إلكترونية تم توزيعها عبر الإنترنت.

2. الحدود الزمانية: جرى البحث في الربع الأول من العام 2018.

3. الحدود البشرية: عينة قصدية من أساتذة وطلبة الجامعات العراقية.

4. حدود الموضوع: اقتصر البحث على معرفة دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية.

إجراءات البحث:

أولًا – منهج البحث:

اتبعت الباحثة في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي، حيث رصدت دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مواجهة خطاب الكراهية، من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس وطلبة بعض الكليات العراقية، وجمعت البيانات حولهاء ثم تحليلها بهدف الوصول إلى نتتائج معينة تساعد في تفسير الظاهرة والإجابة عن أسئلة البحث، وذلك من خلال استبانة إلكترونية.

ثانيًا – مجتمع البحث والعينة:

يتكون مجتمع البحث من أعضاء هيئة التدريس وطلبة بعض الجامعات العراقية، وتتكون العينة (القصدية) من (55) فردأ، يبين الجدول الآتي توزيع العينة:

حجم العينة 55 فردًا ينقسمون حسب المستوى الأكاديمي إلى:

‏وقد توزعت اختصاصاتهم حسب المخطط التالي:

وإذا قسمنا الاختصاصات إلى إنسانية وعلمية تجد أن توزيع افراد العينة سيكون حسب المخطط التالي:

ثالثًا – أداة البحث:

أعدت الباحثة استبانة إلكترونية لتحقيق أهداف الدراسة، تم تقسيم الاستبانة إلى أربعة أقسام، خصص الأول لتوضيح موضوع وأهداف الاستبانة، وخصص القسم الثاني لبيان حجم نشاط العينة على شبكات التواصل الإجتماعي، بينما خصص القسم الثالث لنوع نشاط العينة على مواقع التواصل الإجتماعي، في حين خصص القسم الأخير لبنود الاستبانة والبالغ عددها 7 عبارات تم قياس مدى إتفاق العينة معها. ومن ثم تمَّ تفريغ أجوبة العينة واستخراج النتائج باستخدام برنامج SPSS الإحصائي.

1- صدق الاستبانة: تم حساب صدق الاستبيان بطريقتين هما:

1-1 الصدق الظاهري:

تم عرض الاستبانة بصورتها الأولية على مجموعة من المحكمين وذلك بهدف التعرف على مدى وضوح العبارات ومدى مناسبة مقياس الاستجابة. وقد وافق معظم المحكمين على صلاحيتها.

رابعًا – الأساليب الإحصائية:

اعتمدت الباحثة في تحليل النتائج على الحاسب الآلي باستخدام برنامج الرزمة الإحصائية للعلوم الإجتماعية SPSS 2017 وتتلخص الأساليب الإحصائية في:

–  المتوسطات الحسابية.

–  الانحرافات المعيارية.

– معامل بيرسون.

نتائج البحث وتحليلها:

1. السؤال الأول: ما دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في مكافحة خطاب الكراهية؟

للإجابة على هذا السؤال تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لاستجابات أفراد العينة عن عبارات الاستبانة، وفق الترتيب التنازلي، والجدول الآتي يوضح ذلك.

جدول (1): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لاستجابات أفراد العينة

من مراجعة الجدول أعلاه يتضح أن المتوسط الموزون لإجابات العينة قد بلغ 3.85 وهو يقع في المستوى المرتفع وفق مفتاح التصحيح، وتراوحت المتوسطات الحسابية لعبارات الاستبانة ما بين (4.15 – 3.56)، ويمكن تفسير ارتفاع المتوسط الحسابي لاستجابات العينة إلى ايمانهم بأهمية المنصات الإعلامية الإلكترونية وقدرتها على التأثير في الرأي العام وبناء التوجهات، خاصة لدى قطاع الشباب، من خلال المضامين التي تنشرها والتفاعل العام معها.

كما يمكن ملاحظة أن العبارة التي حصلت على أعلى متوسط حسابي هي العبارة الأولى “تعتبر المنصات الإعلامية الإلكترونية أداة تأثير فعالة على الرأي العام” مما يدل على إيمان أفراد العينة بقوة هذه المنصات في التأثير وصنع التوجهات بين الجمهور، واعتبار هذه المنصات أداة فعالة لنشر الأفكار إذا ما تمّ توظيفها بشكل صحيح من خلال دراسة الجمهور وكيفية استمالته والتأثير عليه.

وبهذا الصدد يرى الكاتب معتصم بابكر بأن شبكات التواصل الاجتماعي تمتاز بتأثير متزايد على جميع عناصر منظومة المجتمع، الأمر الذي جعل من الصعوبة فلك الارتباط بين الثقافة والتقانة، إذ تقوم تكنولوجيا المعلومات الجديدة بتحطيم العقبات والعراقيل الزمنية، والعلاقات الاجتماعية الهرمية والتصنيفات الطبقية التقليدية، لأن ثقافة الوسائط المتعددة والشبكات تُشجّع المستخدم على الذوبان والانصهار في عاالم الرَّفْمَنَة لذلك فالمجتمع في علاقته مع وسائط الاتصال الجديدة لا يتم تشكيله وبناؤه وفق التأثيرات الوافدة عليه عبر هذه الوسائل فحسب، بل يذوب معها كليًّا، ويجمع بين المجتمع والشبكات ما أطلق عليه البعض: المجتمع ذو البُعد الواحد، أو تعبير فلاسفة ما بعد الحداثة مجتمع “الرّخَّل الجدد” الذي يُجْهز على جميع الاختلافات والتمايزات ويُوجّد أفراده في نظمهم ومعاييرهم وأذواقهم في نمط واحد انطلاقًا من مبدأ الحركة، سواء كانت حركية واقعية أو افتراضية عن طريق السفر والترحال عبر وسائط الاتصال والشبكة العنكبوتية، وهو ما يدفع إلى انصهار والتقاء وتزاوج ثقافات عديدة بين شعوب مختلفة في بقع جغرافية محددة (مصطفى، 2014).

ويحصل تأثير شبكات التواصل الإجتماعي في الرأي العام من خلال ثلاثة مستويات مترابطة، تتمثل في المستوى العاطفي، حيث إن تزايد المجموعات عبر الشبكات يؤدي إلى إعادة صياغة العواطف والتأثير في الأذواق والاختيارات بناء على النموذج المُقدّمم في هذه المجموعات، ثم هناك المستوى المعرفي وهو مرتبط بالبُعد السابق، فالمجموعات أصبحت مصدرًا جديدًا من مصادر إنتاج القيم وتلقين المعارف (الأيديولوجيا) وتشكيل الوعي بالقضايا المختلفة. والمستوى الثالث هو البُعد السلوكي الذي يُعَدُ أعمق هذه المستويات ولاحقًا لها.

أما المتوسط الحسابي الأدنى فقد كان للعبارة السابعة “تقل أهمية ومصداقية وتأثير المنصة الإعلامية الإلكترونية المرتبطة بالإعلام التقليدي عن تلك المنصات التي يديرها الشباب” وقد يرجع ذلك إلى متابعة عدد من جمهور العينة للمنصات الرسمية أو المنصات المرتبطة بالمؤسسات الإعلامية التقليدية واعتبار أن الإعلام التقليدي أكثر موثوقية من إعلام الجماهير.

مع أن واقع الإعلام أصبح يتجه إلى تراجع الثقة بالإعلام التقليدي لصالح صحافة المواطن بالإضافة إلى اعتماد الإعلام التقليدي على صحافة المواطن كمصدر للأخبار والمواد الإعلامية، الواقع الذي تجلى في شورات الربيع العربي والتحول الذي عاشته الشعوب العربية، والجهود التي تبذلها الصحافة وراء الأخبار التي تخضع لـ “رقابة شرسة”. ونقل ما يجري خلف أسوار “الثورات المغلقة”, وبالتالي تحولت “صحافة المواطن” التي تعتمد على كل أنواع وسائل الاتصال، بدءًا من كاميرا الهاتف الجوال، وصولًا إلى المواقع والصفحات الخاصة، وتقارير شهود العيان الصوتية، فأصبحت مصدرًا يوميًا للإعلام، بما يمكن تسميته عصر “الاندماج الإعلامي” (زعير، 2019).

كما يتضح من الجدول السابق أن جميع العبارات المتصلة جاءت بدرجة تأثير كبيرة من خلال استجابات أفراد العينة حيث بلغ المتوسط الموزون العام لهذه العبارات (3.85) بانحراف معياري قدره (1.207).

2. السؤال الثاني: ما دوافع أفراد العينة من متابعة شبكات التواصل الاجتماعي ودورهم في الإسهام من الحد من خطاب الكراهية والتطرف من خلال المساهمة في المنصات الإعلامية الالكترونية؟

يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال قياس نوع النشاط على شبكات التواصل الاجتماعي لأفراد العينة وقد تمّ ذلك من خلال القسم الثالث من أقسام الاستبانة، وقد حصلت الباحثة على النتائج التالية:

أولًا: التواصل مع العائلة والأصدقاء

ثانيًا: متابعة الشأن العام

ثالثًا: المشاركة في الحوارات التي تخص الشأن العام‎

رابعًا: طرح المواضيع التي تخص الشأن العام في حسابك الشخصي

خامسًا: طرح المواضيع التي تخص الشأن العام في الصفحات والمجموعات العامة

يلاحظ من المخططات السابقة أن نوع مساهمة أفراد العينة تصل أعلى مستوياتها عند التواصل مع العائلة والأصدقاء، وتقل عند متابعة الشأن العام، حتى تصل أدنى مستوياتها عند طرح المواضيع التي تخص الشأن العام في الصفحات والمجموعات العامة.

وهذا يشير إلى نزوع العينة إلى المساهمة السلبية وابتعاد معظم الأفراد عن المشاركة في التعليق على الموضوعات التي تخص الشأن العام، وكذلك طرح المواضيع التي تخص الشأن العام.

أي أن مستوى تعرضهم للمنصات الإعلامية الإلكترونية يتركز في التلقي أكثر منه في المساهمة الفعالة.

3. السؤال الثالث (السؤال المتعلق بالفرضية): هل توجد فروق دالة إحصائيًا عند مستوى الدلالة (الفا 05.0) فيما يتعلق بآراء أفراد العينة نحو (دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية) يعزى لمتغيري الإختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة؟

للإجابة على هذا السؤال جرى اختبار الفرضية الصفرية التي تنص على أنه (لا توجد فروق دالة إحصائية عند مستوى الدلالة ألفا 0.05 فيما يتعلق بآراء العينة حول دور المنصات الإعلامية الإلكترونية في محاربة خطاب الكراهية يعزى لمتغيري الإختصاص الأكاديمي ومستوى المشاركة) وتمّ ذلك من خلال استخدام اختبار معامل بيرسون لإيجاد العلاقة بين المتغيرات، كما يتضح من الجدول الآتي:

‏تشير النتائج الواردة في الجدول أعلاه وجود علاقة طردية بين التخصص الأكاديمي ودرجة اتفاق العينة من‎ العبارات الواردة في الاستبانة،، وذلك يتضح لكون قيمة معامل بيرسون بلغت (0.148) وهي قيمة موجبة، كما  أشارت قيمة معامل بيرسون على وجود علاقة طردية بين التخصص الأكاديمي ومستوى المشاركة حيث بلغت قيمة معامل بيرسون  (0.056).

ويعزى ذلك لكون الأشخاص الذين يدرسون الاختصاصات الإنسانية بشكل عام وحقل الإعلام خصوصًا يكونون أكثر تفاعلًا على شبكات التواصل الإجتماعي وأكثر اهتماما بدور الإعلام الإلكتروني في التأثير على الرأي العام.

أما فيما يتعلق بالعلاقة بين مستوى المشاركة ودرجة اتفاق العينة مع العبارات الواردة في الاستبانة فقد أشارت قيمة معامل بيرسون أنها علاقة طردية فقد بلغت (0.148) وهي قيمة موجبة.

وتشير هذه النتيجة أن زيادة مستوى مشاركة الأفراد على شبكات التواصل الاجتماعي يزيد من قناعتهم بأهمية الإعلام الإلكتروني عامة والمنصات الإعلامية الإلكترونية خاصة، وقدرته على التأثير في الرأي العام وتغيير مفاهيم الجمهور وبالتالي مواجهة الخطاب المتطرف والأفكار الهدامة.

تجارب واعدة:

طلبت الباحثة من العينة عن طريق الاستبانة تسمية منصات إعلامية إلكترونية يعتقدون أنها تنشر التسامح والوعي وتحارب الكراهية والتطرف وكانت أجوبتهم كالتالي (كروب الخوة النظيفة على فيسبوك – يلا – مركز الصواب – الأعظمية نيوز – [4 عربي – كروب التنمية البشرية -‏ كروب مجموعة أفكار -كروب فلاسفة وعلماء – صفحة بغداد – صفحة ستيفن نبيل – صفحة التقنية من أجل السلام – الضحكة تلوكلنا – موقع تغريدة على فيسبوك – بغداد لايف بليزير – فريق نبض الحياة التطوعي).

ومن خلال المراقبة الفردية للباحشة رصدت عددا من الصفحات على موقع فيسبوك تساهم بشكل فعال في نشر التسامح والاعتدال ونبذ الكراهية والفكر المتطرف منها:

أولًا: صفحة عزيزي زيدون

صفحة عامة يديرها شخص يعبر عن رأيه بالأحداث والقضايا المجتمعية بطريقة الخطاب البسيط باستخدام اللهجة العراقية.

ثانيًا: العائلة الإنسانية الكبرى

صفحة ثقافية منوعة تنشر آراء وأفكارعامة بعيدا عن الخوض في الشأن السياسي.

ثالثًا: عالم نور

تجربة إعلامية مميزة يستخدم القائمون عليها أسلوب الدراما من خلال ابتكار شخصية كرتونية يطلقون عليه اسم نورء يمثل شابًا مسلمًا واعيًا في مواجهة جاره المتطرف الذي يسمونه ظالم، تنشر الصفحة يوميات نور والتي هي عبارة عن حلقات كرتون قصيرة.

رابعًا: يلا

صفحة منوعة تقدم مواضيع مصورة بشكل مقاطع فيديوية قصيرة تناقش قضايا اجتماعية مختلفة تخص الشباب العراقي والعربي بشكل عام.

خامسًا: AJ+ عربية

صفحة منوعة ناطقة باللغة العربية ترتبط بصفحة AJ+ الأمريكية والتي تعرض مواد فيديوية قصيرة تناقش قضايا عامة.

ويوجد غيرها كثير…

مقترحات البحث:

بناءًا على البيانات والنتائج التي توصلت لها الباحثة يمكن إدراج جملة من المقترحات تتلخص في الآتي:

1. وضع آليات منظمة لمواجهة الفكر المتطرف والخطاب المتشدد على المنصات الإعلامية الإلكترونية.

2. إعداد برامج تدريبية توعوية للشباب خاصة النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف إلى زرع قيم التربية الإعلامية الرقمية، وتوجيههم نحو محاربة النشر المُضلل من خلال تحري الحقائق وتتبع الأخبار.

3. إنشاء صفحات متخصصة بنشر الوعي ومحاربة الجهل والتطرف بإشراف أفراد أكقاء مدربين لهذا الغرض، تكون تحت مسميات غير مباشرة وتقوم بنشر محتويات جاذبة للشباب.

4. تفعيل الرقابة الحكومية والشعبية على مواقع وسائل الإعلام ومنصاتها الإلكترونية لمواجهة النشر المضلل أو المزيف الذي تمارسه بعض المؤسسات الإعلامية الغير مسؤولة أو المدفوعة من جهات معينة.

5. استحداث مؤسسات أكاديمية متذ ة بالرصد الإلكتروني والبحوث والدراسات الميدانية وتدريب المهتمين

بكل ما يخص الإعلام الإلكتروني.

6. تعزيز دور الرقابة من خلال التشريعات التي تساعد على منع الجريمة الإلكترونية وحماية الحريات والحقوق الإلكترونية للأفراد.

7. تعميم مناهج التربية الإعلامية الرقمية وأخلاقيات النشر على جميع الاختصاصات الجامعية كمرحلة أولى تتبعها تعميم هذه المناهج على المراحل الثانوية.

8. التععاون المشترك بين المنصات الإعلامية الإلكترونية التي ينشئها الشباب مع البرامج الإعلامية لتحقيق الدعم المادي والمعنوي لهذه المشاريع الشبابية الهادفة لنشر الوعي.

9. الاعتراف بالإعلام الإلكتروني كقسم مستقل من دراسات الإعلام في الكليات والجامعات وانشاء نقابة لحماية حقوق العاملين في هذا القطاع.

قائمة المصادر المراجع:

1. المنصات الإعلامية والتحول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. دراسة تقييم المشهد المحلي – الربع الأول من عام 2017، وزارة الثقافة والاعلام، المملكة العربية السعودية، مركز الاعلام الجديد (Digital Media Index).

2. ‏بابكر مصطفى، معتصم. أيديولوجيا شبكات التواصل الاجتماعي وتشكيل الرأي العام، مركز التنوير،‎ الخرطوم، 2014.

3. بشرى الراوي (2012)، دور مواقع التواصل الاجتماعي في التغيير. مدخل نظري، مجلة الباحث الإعلامي، العدد 18: كلية الإعلام: جامعة بغداد.

4. تحسين شرادقة (2016)، دور وسائل الإعلام في مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف، ورقة عمل مقدمة للمؤتمر الدولي المحكم تحت عنوان: دور الشريعة والقانون والإعلام في مكافحة الإرهاب.

‏5. خلود سلام (2014)، المواقع الالكترونية الاخبارية العراقية.. دراسة في تقييم واجهة الاستخدام والتفاعلية رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة الجنان، لبنان.

‏6. عباس مصطفى صادق (2011)، الإعلام الجديد: دراسة في مداخله النظرية وخصائصه العامة، البوابة العربية لعلوم الإعلام والاتصال.

‏7. عبد الامير الفيصل (2014).، دراسات في الاعلام الالكتروني، دار الكتاب الجامعيء الامارات العربية المتحدة.

‏8. عبد الله الزين الحيدري (2009)، الإعلام الجديد.. النظام والفوضى، ابحاث المؤتمر الدولي, جامعة

البحرين.

‏9. مبارك بن زعيرء اتجاه الصحف للاعتماد على صحافة المواطن، بحث منشور على موقع معهد الجزيرة للإعلام.

10. محمد المنصور (22012)، تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على جمهور المتلقين، دراسة مقارنة للمواقع الاجتماعية والمواقع الالكترونية “العربية أنموذجًا”، مجلس كلية الآداب والتربية / الاكاديمية العربية في الدانمارك.

11. مقياس الكسا.

(*) خلود سلام صالح: مدرس مساعد في كلية الفارابي، قسم الإعلام، العراق.

(*) يُنشر بموافقة وإذن خاص من الكاتبة.

https://bit.ly/3RKHQUp

خلود سلام صالح
خلود سلام صالح
المقالات: 2