تطرقت العديد من القوانين والمعاهدات الدولية إلى ضرورة تجريم خطاب الكراهية والرسائل التحريضية بشكل يردع كل من يحاول استثارت الفتن. وقد نص المشرع الدولي على مجموعة من المواد التي تحمي حق التعبير وإبداء الرأي والتدين والمعتقد والمساواة بين الجنسية وبين الأعراق والأصول البشرية… وتعتبر تلك المواد من أهم ما أقرته المعاهدات والقوانين الدولية، إلا أن تطبيقها هو ما يشكل عائقا نحو إلغاء الكراهية على أسس طائفية أو دينية أو عرقية… فأغلبية الدول التي صادقت على هذه القوانين والمعاهدات قامت بتشريع قوانين داخلية تدين الكراهية والتحريض، لكن عبر مواد ونصوص ملتوية أو غير متوازنة تتيح المجال لتأويلات متعددة. كما أن أغلب تلك الدول تحاول التغاضي عن مثل تلك التجاوزات خوفا من تفاقم أوضاعها الداخلية أو لكونها مؤيدة ضمنيا لتلك التصرفات أو أنها لا تتوفر على مؤسسات قضائية تستعين بها في حل هذا النوع من الجرائم أو تشريعاتها قاصرة عن التنفيذ.
الفقرة الأولى: المعاهدات الدولية
لقد تطرقت مجموعة من القوانين الدولية والمعاهدات لمفهوم الكراهية وقامت بتحديده وتجريمه ومن أهم هذه القوانين والمعاهدات نجد:
أولًا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 2 «حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلًا عما تقدم فلن يكون أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود». وعاود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 3 ضمانة «الحق لكل فرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه».
وأكد الإعلان في المادة 7 على أن «كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أية تفرقة، كما أن لهم الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا». وفي المادة 18 من الإعلان تأكيد على أن «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرًا أم مع الجماعة». وفي المادة 19 ضمانة كافية «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية إعتناق الآراء دون أي تدخل، وإستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية». ونفس الشيء يتكرر في كلا المادتي 29 بكلا فقرتيها الأولى والثانية والمادة 30 أيضًا من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
ثانيًا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أعيد التأكيد في الفقرة الأولى من المادة 18 على أن «لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في إعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة» وفي الفقرة الثانية من نفس المادة «لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في إعتناق أي دين أو معتقد يختاره» وفي الفقرة الثالثة من نفس المادة «لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية». ونصت المادة 19 على أن:«
- لكل إنسان حق في إعتناق أراء دون مضايقة؛
- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق في حريته في إلتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما إعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة آخرى يختارها.
- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
- لإحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛
- لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة؛»
وحظرت المادة 20 من العهد وبالقانون «أية دعاية للحرب» و«أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف».
وبالتوقف أمام مدلولات المفاهيم والمصطلحات التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ نجد أن كل ما ورد من مفاهيم ومدلولات تتسق بطريقة أو بأخرى مع المفاهيم والدلالات المعجمية العربية لكلمة كره وإن جاءت في سياق الإعلان العالمي والعهد الدولي بمفاهيم أوسع وأرحب.
وهناك سلسلة من الضمانات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على نحو: حرية التفكير والدين والضمير، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة والشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرًا أم جماعة، وحرية التعبير والرأي دون تدخل، ووجوب الإعتراف بحقوق الغير وإحترامها، ولا تملك الدولة أو أية جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.
وإستخدم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كلمات:الحق في الفكر والوجدان ثم إختيار الدين الذي يدين به وفي إظهاره بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو جماعة وأمام الملأ أو على حدة… وحظرت المادة 20 من العهد وبالقانون أية دعاية للحرب وأية دعوى إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التميز أو العداوة أو العنف. وهذه هي الإشارة الأولى الأكثر وضوحا التي يتم فيها استخدام مدلولات مباشرة تختص بالدعاية للحرب التي تعني في أحد معانيها قتل الأخر وإقصاءه وبث خطاب كراهية ضده لتأليب الرأي العام عليه.
وفي الوقت الذي لم يستخدم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كلمة “إكراه” فقد ذهب العهد الدولي لإستخدامها مباشرة في سياق تحريمه وتجريمه لبث الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية.
الفقرة الثانية: مبادئ “كامدن”
وضعت منظمة المادة 19 تعريفًا بدأ يأخذ مداه في الأوساط الإعلامية الدولية لخطاب الكراهية في سياق ما بات يعرف بـ “مبادئ كامدن” التي وضعتها منظمة المادة 19 مع العديد من خبراء القانون والإعلام في العالم.
أولًا: مبادئ “كامدن” لتعريف خطاب الكراهية
بحسب مبادئ كامدن فإن الكراهية هي «حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده». وتنص مبادئ كامدن في المبدأ 12 الفقرة الأولى على وجوب أن تتبنى جميع الدول تشريعًا يمنع أي دعوة للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني مما يشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف خطاب الكراهية. ويجب أن توضح الأنظمة القانونية الوطنية بشكل صريح أو عبر تفسير رسمي ما يلي:
- أن كلمة الكراهية أو العداء تشير إلى مشاعر قوية وغير عقلانية من الإزدراء، العداوة، أو البغض تجاه المجموعة المستهدفة؛
- إن كلمة دعوة تعني وجود نية لترويج البغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنية؛
- إن كلمة تحريض تشير إلى التصريحات حول المجموعات القومية أو العرقية أو الدينية والتي تؤدي إلى خطر وشيك لوقوع التمييز أو العدائية أو العنف ضد أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات؛
- إن الترويج الإيجابي لهوية مجموعة معينة لا يشكل خطاب كراهية؛
- على الدول أن تمنع الإنكار أو التغاضي عن جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية وجرائم الحرب فقط عندما تشكل هذه التصريحات خطاب كراهية على النحو في المبدأ “1/12″؛
- على الدول أن لا تمنع إنتقاد أو مناقشة الأفكار أو المعتقدات أو الأيديولوجيات أو الديانات أو المؤسسات الدينية إلا عندما يشكل ذلك خطاب كراهية على النحو المعرف في “1/12″؛
- على الدول أن تضمن أن الأشخاص الذين تكبدوا أضرارًا حقيقية نتيجة خطاب كراهية كما هو محدد في المبدأ 1/12 لهم الحق في الإنتصاف الفعال بما في ذلك التعويض المدني عن الأضرار؛
- على الدول أن تعيد النظر بإطارها القانوني لضمان أن أي ضوابط تتعلق بخطاب الكراهية تراعي ما هو مذكور أعلاه.
ولا شك أن هذه المبادئ تشكل أرضية يمكن من خلالها البناء عليها في إعادة تطوير التشريعات الوطنية التي يتوجب عليها إعادة تعريف الكراهية بإعتبارها تطورًا خطرًا إذا تم إستخدامها في سياقات سلبية تحض على التحريض والتمييز، دون أن يشكل ذلك أي انتقاص من حرية التعبير تحت ذريعة التشدد في القوانين لحماية المجتمع والفئات المستهدفة من خطاب الكراهية.
ثانيًا: مبادئ “كامدن” حول حرية التعبير والمساواة
إن مبادئ كامدن حول حرية التعبير والمساواة ترتكز على فكرة أن حرية التعبير والمساواة هي حقوق جوهرية وأساسية، وأن حرية التعبير والمساواة هي حقوق مكملة لبعضها البعض، وتلعب دورًا حيويًا في حماية كرامة الإنسان وتضمن الديمقراطية وتعزيز السلم والأمن الدوليين. كما أن مبادئ كامدن أصبحت جزءًا أساسيًا معتمدًا للتفرقة بين حرية التعبير المشروع وبين حرية التعبير الذي يحض على الكراهية والعنف والتمييز. ووصفت المادة 19 مبادئ كامدن بأنها «تمثل تفسيرًا تقدميًا للقانون الدولي ومعاييره، ولممارسات الدولة المقبولة، وللمبادئ العامة للقانون المعترف به من قبل المجتمع الدولي».
ولتبيان الحدود بين حرية التعبير وخطاب الكراهية آثرنا التوقف مع بعض مبادئ كامدن من أجل توضيح المبادئ والقيم الإنسانية الدولية التي تعتمد التفريق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية الذي يتوجب على دول العالم وضع حد له.
تحدد مبادئ كامدن 12 مبدأ تستند إليها في معالجة العلاقة بين حرية التعبير وبين خطاب الكراهية وأين يمكن للحكومات التدخل لمنع خطاب الكراهية، وأين يمكن أن تصمت تجاه منح حرية التعبير مساحة أوسع. ويدعو المبدأ الأول الى التصديق وإدماج قانون حقوق الإنسان؛ فعلى جميع الدول أن تصدق وتفعل في القانون المحلي عبر الإدماج أو بطرق أخرى المعاهدات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي تضمن حقوق المساواة وحرية التعبير. وتناول المبدأ الثاني الحديث عن الإطار القانوني لحماية حق حرية التعبير؛ قائلة أن على الدول أن تضمن حق حرية إبداء الرأي والتعبير من خلال أي وسيلة إتصال بما في ذلك الحق بالمعلومات مكفول في الأحكام الدستورية المحلية أو ما يوازيها وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى الدول أن تضمن بأن الأحكام الدستورية المحلية تحدد بوضوح نطاق القيود المسموح بها على حق حرية التعبير، على أن تحدد هذه القيود بقانون يعرفها بدقة لخدمة مصلحة مشروعة ينص عليها الدستور وأن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية هذه المصلحة. كما على الدول أن تنشئ إطارًا قانونيًا واضحًا لحماية حق الحصول على المعلومات بما في ذلك حق الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة وتشجيع النشر الإستباقي لها.
وتناول المبدأ الثالث الإطار القانوني لحماية حق المساواة؛ بمطالبة الدول بضمانة حق المساواة في أحكام الدستور المحلي أو ما يعادلها وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويتوجب أن تتضمن القوانين المحلية النص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في حماية قانونية متساوية، ولكل إنسان الحق في عدم التعرض للتمييز على أساس: الأصل أو النوع أو العرق أو الدين أو المعتقد أو الإعاقة أو العمر أو التوجه الجنسي أو اللغة أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل القومي أو الإجتماعي أو الجنسية أو الملكية أو الميلاد أو أي وضع آخر. وقالت مبادئ كامدن أنه يجب أن «يحافظ على قيم الخدمة العامة في وسائل الإعلام وتقويتها» وذلك عبر تحويل أنظمة وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة أو الحكومة إلى نظام هيئات الخدمة العامة، وعبر تقوية شبكات البث العامة القائمة، وتأمين التمويل الملائم لوسائل إعلام الخدمة العامة وذلك ضمانًا للتعددية وحرية التعبير والمساواة في مشهد إعلامي متغير.
ورأت مبادئ كامدن أن «لوسائل الإعلام الجماهيرية دورًا أخلاقيًا ومسؤولية إجتماعية» وعليها التأكد من تنوع قواها العاملة وصفاتها التمثيلية للمجتمع ككل، وأن تتناول المسائل التي تثير إهتمام جميع فئات المجتمع قدر المستطاع، وأن تبحث عن المصادر والآراء المتعددة ضمن المجتمعات المختلفة بدلًا من تمثيل هذه المجتمعات ككتلة واحدة متجانسة، والالتزام بتوفير المعلومات بأعلى المستويات التي تراعي المعايير المهنية والأخلاقية المعترف بها. كما دعت إلى وضع ضوابط للمرافق الإعلامية العامة تحظر نشر صور نمطية سلبية للأفراد أو الجماعات، على أن يلزمها نطاق عملها تشجيع التفاهم ما بين الثقافات وتعزيز فهم أفضل لمختلف المجموعات والقضايا التي يواجهونها، ويجب أن يشمل ذلك بث برامج تصور مختلف الجماعات على أنهم أفراد متساوون في المجتمع.
وحثت مبادئ كامدن السياسيين وغيرهم من الشخصيات القيادية في المجتمع أن يمتنعوا عن إطلاق تصريحات تروج للتمييز أو تقوض مبدأ المساواة، وعليهم الإستفادة من موقعهم لنشر التفاهم بين الثقافات والاعتراض عند الضرورة على التصريحات والممارسات التمييزية ضد الآخرين. وفيما يتعلق بالتحريض على الكراهية تم دعوت جميع الدول لأن تتبنى تشريعًا يمنع أي دعوة للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني مما يشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف.
الفقرة الثالثة: الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والرأي وخطاب الكراهية
يستخدم توصيف خطاب الكراهية عادة للإشارة إلى الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية… وتتمثل القضية في جوهرها في المدى المناسب أو الحد المقبول للحد من الحق في حرية التعبير، عندما تكون وجهات النظر التي يتم الإعراب عنها تؤيد تحديد حقوق الآخرين أو التعدي عليها. وتمثل إحدى المشاكل في أن الخطاب قد يكون مجرد مسألة وجهة نظر، فخطاب كراهية شخص ما قد يكون الرأي المشروع لشخص آخر، وبالتالي هناك عزوف عام عن فرض قيود على ما يمكن أن يقال.
إن التمييز بين حرية الرأي وخطاب الكراهية هو أمر ينطوي على قدر كبير من المشقة ذلك أن مفهوم خطاب الكراهية من الصعوبة بمكان تعريفه بصورة جامعة، ولكن قد يفيدنا في هذا السياق النظر إلى ما يتم تداوله حاليًا بوصفه توصيفًا لخطاب الكراهية؛ وتحديدًا وجهة النظر القائلة بأنه ضرب من الخطاب قد يتضمن كلمات أو صورًا تستهدف بنوع من الانتقائية جماعة ما.
إن الكلمات بحد ذاتها حينما تصدر عن سلطة ما تستهدف ليس فقط جماعة وإنما فردًا بعينه فإنها تتحول كذلك إلى خطاب للكراهية، وهو خطاب لا يحتوي على كلمات فقط بل كلمات لها قوة الأفعال نفسها، وذلك الأمر يعود بنا مرة أخرى إلى تبين المأزق الحقيقي في رسم الحدود الفاصلة بين حرية الرأي وخطاب الكراهية، إذ لا تبدو فكرة إصدار تشريعات محددة للقضاء على خطاب الكراهية ناجعة فذلك يتطلب في حالات كثيرة وضع قيود على الكلمات وفرز وتعيين للأشخاص الذين يتمتعون بسلطة ما والذين يبرهنون على صدق مقولة. الكلمات ليست فقط محض ألفاظ بل هي أفعال.
وتلك في حقيقة الأمر ليست المعضلة الوحيدة في هذا السياق، إذ أن حرية الرأي ليست محددة فقط بالفضاء السياسي بل إنها تتحرك في فضاءات مختلفة مثل وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الإجتماعي والمنجز الأدبي والفني والموسيقي وكذلك الأفعال الرمزية. وسيتطلب الأمر أكثر من مجرد سن تشريعات وضوابط لتقييد حرية الرأي أو القضاء على خطاب الكراهية. وفي حين تلوح هذه المعضلة بأنها مرشحة للبقاء أمدًا طويلًا فإن البعض ينظر الى مبدأ حرية الرأي وخطاب الكراهية بوصفهما محددين مهمين للدرجة التي بلغها المجتمع في تمدنه وتحضره وقيمه الأخلاقية.
ولعل أول تعريف أمريكي لخطاب الكراهية صدر في الولايات المتحدة سنة 1993 ضمن قانون لـ “الإتصالات السلكية واللاسلكية وإدارة المعلومات” أصدره الكونغرس الأمريكي، وعرف خطاب الكراهية فيه بأنه «الخطاب الذي يدعو إلى أعمال العنف أو الجرائم الكراهية الخطاب الذي يخلق مناخًا من الكراهية والأحكام المسبقة التي قد تتحول إلى تشجيع إرتكاب جرائم الكراهية».
وفي أغلب الديمقراطيات، لا يعتبر خطاب الكراهية شكلًا من أشكال حرية التعبير التي تحميها القوانين، كما أنه لا يأخذ شكلًا معينًا وهو الكلام المباشر الواضح، فقد يكون بالتصرف أو الإيحاء أو الكتابة أو حتى الإشارة. ولكن تعريف التحريض أو خطاب الكراهية بشكل دقيق علميا هو أمر عقيم وهذا يرجع تحديدا لأنهما يتقاطعان ويغطيان طيفًا واسعًا من السلوكيات اللفظية والرمزية.
وترى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن «التوصل إلى تعريف قوي وواضح ومشترك لخطاب الكراهية، إذا كان مرغوبًا فيه على الإطلاق، تزيده تعقيدا حقيقة أن الإتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتناولان المسألة بطريقتين مختلفتين». ورأت أن «من الضروري إجراء تمييز دقيق بين أشكال التعبير التي ينبغي أن تشكل جرما بموجب القانون الجنائي؛ وأشكال التعبير غير المعاقب عليها جنائيًا ولكنها قد تبرر رفع دعوى مدنية؛ وأشكال التعبير التي لا تستوجب إنزال جزاءات ولكنها قد تثير شواغل فيما يتعلق بالتسامح والكياسة والإحترام، مثل العنصرية في الرياضة». وتؤكد بيلاي على صعوبة «التمييز بين خطاب الكراهية والخطاب الذي لا يتعدى كونه مجرد كلام مسيء لأنه لا يوجد تعريف لخطاب الكراهية متفق عليه بشكل جازم في القانون الدولي، وربما ينبغي ألا يكون هناك تعريف له، ولدينا، بدلًا من ذلك عدد من النهج الإقليمية والوطنية المختلفة إختلافًا طفيفًا، وبعض البلدان تحمي خطاب الكراهية إلا إذا كان الخطاب يحرض فعلًا على عنف وشيك، بينما توجد، في الجانب الآخر، تقييدات صارمة مفروضة على الكلام في بعض البلدان في سياق إنكار محرقة اليهود، أو في بلدان آخرى لحماية العقيدة أو الرموز الدينية».
الفقرة الرابعة: مجابهة خطاب الكراهية في الشرعية الدولية
لم تترك الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان خطاب الكراهية والتحريض على التمييز وعلى إلغاء الآخر دون معالجة، ولكن من المؤكد تمامًا أن حدود خطاب الكراهية تتداخل بطريقة أو بأخرى مع حق الحرية في التعبير، مما يخلق مشكلة كبيرة في تحديد أين تبدأ حدود التعبير وأين تنتهي، ومتى يتحول التعبير إلى خطاب كراهية، ولماذا منحت الشرعية الدولية الدول الحق بوضع قوانين تحدد وفي حالات محدودة جدا حرية التعبير.
أولًا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
لقد منحت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرًا أم مع الجماعة». إن هذا الحق غير قابل بالمطلق للإنتقاص من قيمته الأخلاقية والقانونية؛ يعني وبالضرورة عدم السماح لأية سلطة أو جهة أو شخص بالإعتداء على هذا الحق بأي شكل من الأشكال سواء بالإعتداء المباشر أو بالإعتداء بالكلمات وبالتحريض وبالإنتقاص من قيمة هذا الحق؛ مما يعني وبالضرورة عدم إفساح أي مكان لخطاب الكراهية في هذا الحق.وعاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 للتأكيد على هذا الحق بأن «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية إعتناق الآراء دون أي تدخل، وإستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية».
إن هذه المبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمنت أولًا تشديدًا على مبدأ حرية الرأي، وثانيًا فإن النص نفسه يقارب في حقيقة الأمر وجها واحدا من وجوه خطاب الكراهية وتحديدًا ذلك الذي يتمظهر في الفضاء الدعائي، وربما كان ذلك تفاعلًا مع الآثار المدمرة التي خلفتها أيديولوجيات الكراهية في منتصف القرن المنصرم. غير أن خطاب الكراهية في زمننا الراهن أصبح قوامه الكلمات الجارحة التي تلحق اذى معنويًا ونفسيًا بالأفراد، ما جعلنا نشهد إنتقالًا من فكرة الدعاية إلى فكرة الإهانة، أي بمعنى آخر؛ تحول خطاب الكراهية إلى عملية تستخدم فيها الكلمات لمهاجمة شخص ما بصورة مباشرة بدلًا من خطاب دعائي يعمل على تحريض طرف ثالث على الكراهية.
ثانيًا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أكثر وضوحًا في إستخدام مصطلح الكراهية وتجريمه وأكثر وضوحًا مما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة خطاب الكراهية من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والضمانات السابقة هي الحق في حرية التعبير؛ ويشمل هذا الحق الحرية في إلتماس المعلومات وتلقيها ونقلها، وإلتماس الأفكار من جميع الأنواع بصرف النظر عن الحدود.
لقد أعيد التأكيد في العهد الدولي في الفقرة 1 من المادة 18 على أن «لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة». وفي الفقرة 2 من نفس المادة «لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في إعتناق أي دين أو معتقد يختاره». وحظرت المادة 20 من العهد وبالقانون «أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف».
ويلاحظ أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد ضمن في مادته 19 الحق في حرية الرأي والتعبير، لكن الحق في حرية التعبير على خلاف القانون المتعلق بالإبادة الجماعية والتعذيب والرق والجرائم ضد الإنسانية على سبيل المثال، ليس مطلقًا، ومن ثم فإن المادة 19 من العهد الدولي تسمح بفرض قيود معينة عندما تكون ضرورية لإحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وبالإضافة إلى ذلك فإن المادة 20 من العهد تقضي فعلا بحظر أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف.
ثالثًا: خطة “عمل الرباط”
إن وثيقة عمل الرباط تعتبر حتى الآن من أفضل إستراتيجيات العمل الدولية المتعلقة بمكافحة خطاب الكراهية. وقد رأت الوثيقة أن أنحاءًا مختلف من العالم قد شهدت في السنوات الأخيرة عدة أحداث سلطة الضوء مجددا بمسألة التحريض على الكراهية. كما أن الكثير من النزاعات التي حدثت خلال العقود الماضية قد تضمنت عنصر التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية. ورأت الوثيقة أن إحترام حرية التعبير هو عامل حاسم لضمان الديمقراطية والتنمية البشرية المستدامة وكذلك لتعزيز السلام والأمن الدوليين.
ووصفت الوثيقة معظم القوانين المناهضة للتحريض في البلدان المختلفة في أنحاء العالم بالمتباينة وأحيانًا قاصرة جدًا أو فضفاضة. كما أن الإجتهادات القضائية حول التحريض على الكراهية هي حتى الآن نادرة ومرتجلة، وأن معظم تلك السياسات تتسم بالعموميات ولا تتبع بصورة منهجية وتفتقر إلى التركيز على المحرومين وتنقصها التقييمات المناسبة. وقسمت وثيقة عمل الرباط نتيجة أعمالها ومناقشاتها إلى مجموعة من الأقسام:
- الجانب التشريعي
خلصت وثيقة عمل الرباط في الجانب التشريعي إلى عدم وجود أي حظر قانوني للتحريض على الكراهية في العديد من الأطر القانونية الوطنية عبر العالم، كما أن التشريعات التي تحظر التحريض على الكراهية تستخدم مصطلحات متفاوتة وهي غالبا غير منسجمة مع المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وكلما توسع تعريف التحريض على الكراهية في القوانين الوطنية، ازدادت الإحتمالات بفتح باب التطبيق التعسفي لتلك القوانين. كما أن المصطلحات المتعلقة بمخالفات التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تختلف بإختلاف البلدان مما يزيد في غموضها نوعا ما. في حين يجري تضمين التشريعات الوطنية أنواعًا جديدة من القيود على حرية التعبير. وينجم عن ذلك مخاطر الوقوع في خطأ تفسير المادة 20 من العهد الدولي، وإضافة قيود على حرية التعبير غير وارد في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعت خطة الرباط الدول للتصديق على الصكوك الدولية والاقليمية لحقوق الإنسان ذات العلاقة وتطبيقها بفعالية، وازالة أي تحفظات بشأنها، واحترام التزامها بتقديم التقارير بموجبها. كما ينبغي على الدول التي لديها قوانين ازدراء الأديان أن تلغي تلك القوانين لما لها من تأثير خانق ويكبت التمتع بحرية الدين أو المعتقد وتعيق إقامة حوارات ونقاشات صحية حول الدين، وعلى الدول أن تتبنى تشريعات شاملة مناهضة للتمييز تتضمن إجراءات وقائية وعقابية لمكافحة التحريض على الكراهية بكل فعالية.
- الجانب القضائي
خلصت خطة عمل الرباط في الجانب المتعلق بالقضاء إلى جملة نتائج من بينها؛ ضرورة وجود هياكل أساسية قضائية مستقلة يتم إحاطتها دوريًا بمستجدات المعايير والسوابق القضائية العالمية، وأن يتصرف أعضاؤها على أساس النزاهة والموضوعية وإحترام قواعد الإجراءات القانونية الصحيحة، وذلك لضمان تقييم وقائع أي حالة فردية وشروطها القانونية بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وينبغي أن يستكمل ذلك بضوابط وتوازنات أخرى لحماية حقوق الإنسان مثل المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان المنشأة وفقًا لمبادئ باريس.
وأشارت إلى أنه نادرًا ما يتم اللجوء إلى الآليات القضائية وشبه القضائية في إدعاءات التحريض على الكراهية، ويحدث كثيرًا أن يكون الضحايا من الجماعات المحرومة أو المستضعفة، لكن السوابق القضائية بشأن حظر التحريض على الكراهية ليست متوافرة في جميع أنحاء العالم.
- السياسات العامة
وفي النتائج التي توصلت إليها خطة عمل الرباط فيما يتعلق بالسياسات العام قالت؛ إذا كان إتخاذ الإجراءات القانونية كرد فعل أمرًا هامًا فالتشريع ليس سوى جزء من جملة أدوات أوسع للرد على تحديات خطاب الكراهية، لذا ينبغي إستكمال أي تشريع في هذا الشأن بمبادرات نابعة من مختلف قطاعات المجتمع وهادفة لتحقيق مجموعة متعددة من السياسات العامة والممارسات والتدابير التي تعزز الوعي الإجتماعي والتسامح وتفهم المزاج العام، ويكون ذلك بقصد إيجاد ثقافة السلام والتسامح والإحترام المتبادل بين الأفراد والموظفين العموميين وأعضاء السلطات القضائية وتعزيز تلك الثقافة، بالإضافة إلى رفع مستويات الوعي الأخلاقي والمسؤولية الإجتماعية في أوساط المؤسسات الإعلامية والقيادات الدينية والإجتماعية. وثمة مسؤولية جماعية على الدول ووسائل الإعلام والمجتمعات في تأمين التحدث علنًا ضد أعمال التحريض على الكراهية والتصدي لها بالتدابير الملائمة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واقترحت خطة الرباط على الدول دراسة إنشاء هيئات معينة بالمساواة أو تعزيز هذه المهمة في إطار المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المنشأة وفقا لمبادئ باريس مع صلاحيات موسعة في مجال رعاية وتعزيز الحوار الإجتماعي، وكذلك في ما يتعلق بتلقي الشكاوى حول حالات التحريض على الكراهية. ولضمان فعالية مثل هذه المهمات يجب إعتماد مبادئ توجيهية جديدة ومعايير وممارسات فضلى، وذلك لتلافي الممارسات التعسفية وتدعيم التماسك الدولي.[1]
رابعًا: الإعلان العالمي الأممي المشترك حول التشهير بالأديان
صدر الإعلان المشترك بشأن تشويه صورة الأديان ومكافحة الإرهاب والتشريعات المكافحة لتطرف في الذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأعرب الموقعون على الإعلان المشترك عن قلقهم بشأن القرارات المتعلقة بالتشهير بالأديان التي تم تبنيها من قبل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وخليفتها مجلس حقوق الإنسان منذ 1999 والجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 2005. وأكد الموقعون على أن هناك فرقًا هامًا بين إنتقاد الدين أو المعتقد أو المدرسة الفكرية والهجوم على الأفراد بسبب إلتزامهم بذلك الدين أو المعتقد، ومعبرين عن قلقهم بشأن إنتشار قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف في القرن الحادي والعشرين وعلى الأخص بعد هجمات سبتمبر 2001 التي تفيد بشكل غير لازم حرية التعبير والوصول إلى المعلومات. وقال الموقعون أن مفهوم التشهير بالأديان لا يتوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالتشهير والتي تشير إلى حماية سمعة الأفراد، بينما لا يمكن أن يقال أن الأديان مثلها مثل كافة الإعتقادات لديها سمعة بحد ذاتها.
ويلاحظ أن الإعلان المشترك ربط بين خطاب الكراهية والإرهاب ومكافحتهما بإعتبارهما يشكلان خطرًا واحدًا وأنهما صورتان لعملة واحدة، ولذلك دعا الإعلان المشترك إلى تقييد تعريف الإرهاب على الأقل من حيث علاقته بالقيود على حرية التعبير وحصره في جرائم العنف التي تكون دوافعها أيديولوجية أو دينية أو سياسية أو جريمة منظمة والتي تستهدف التأثير على السلطات العامة من خلال ترويع المواطنين. وطالب الإعلان المشترك بإحترام دور الإعلام كأداة رئيسية لتحقيق حرية التعبير وتوعية الجمهور في كافة قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف، فللجمهور حق معرفة الأعمال الإرهابية التي ترتكب أو المحاولات الإرهابية ولا ينبغي معاقبة وسائل الإعلام بسبب تقديم تلك المعلومات.
كما دع الإعلان المشترك إلى تطبيق القواعد الإعتيادية المتعلقة بحماية سرية المصادر الصحفية للمعلومات بما في ذلك النص على أن تلك القواعد يمكن إبطالها فقط بقرار من محكمة بإعتبار أن الوصول إلى ذلك المصدر يعتبر أمرًا هامًا لحماية مصلحة عامة طاغية أو حق خاص لا يمكن حمايته بطرق أخرى في سياق إجراءات مكافحة الإرهاب كما هو الحال بالنسبة للظروف الأخرى.
الخاتمة
لقد كان لخطاب الكراهية الذي تبته بعض وسائل الإعلام بدعم حكومي مباشر وغير مباشر الضربة القاضية التي دمرت الشرق الأوسط ونسفت قناعات وقيم جيل بأكمله بإسم الله، يقول جبران خليل جبران “أيها المراؤون… توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان ودافعوا عن الإنسان كي يتمكن من التعرف إلى الله”.
(*) شيماء الهواري: دكتورة في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية.
(*) يُنشر بإذن خاص من المركز الديمقراطي العربي.